للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان في يوم الخميس تاسع عشر شعبان جاءت الأخبار بأن يلبغا الناصري قد مسك هو والأمراء الذين كانوا صحبته من بلبيس فلما حضر يلبغا حبسه منطاش في المكان الذي حبس فيه الظاهر برقوق - والمجازاة من جنس العمل - فأقام أياما، ثم قيده وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، وأرسل معه الأمراء المقدم ذكرهم، فنفى في هذه الحركة تسعة أمراء وغير ذلك من الأمراء العشراوات ممن كان في عصبة يلبغا.

ثم أن الأمير منطاش رسم بالافراج عن جماعة من الأمراء الذين كان قد سجنهم يلبغا الناصري، فحضر من ثغر دمياط المقر السيفي سودون الفخري نائب السلطنة، ثم أرسل باحضار الامير شيخ الصفوي من المقدس، وأفرج عن الأمير الطنبغا العثماني، والأمير بطا الطولوتمري، والأمير الطنبغا شادي.

ثم أن الأمر منطاش عرض مماليك الظاهر برقوق في باب السلسلة، ومسك منهم نحو مائتي مملوك وحبسهم في أبراج القلعة.

ثم أن السلطان الملك المنصور أمير حاج عمل الموكب في القصر، وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي تمربغا الأفضلي منطاش واستقر به أتابك العساكر عوضا عن يلبغا الناصري، وخلع على الأمير استدمر الشرفى واستقر به أمير مجلس، وخلع على الأمير تمان تمر الأشرفى واستقر به رأس نوبة النوب، وخلع على الأمير الطنبغا الحلبي واستقر به دوادارا كبيرا، وخلع على الأمير اياس الأشرفي واستقر به أمير اخور كبير. وأنعم على جماعة من الأمراء ممن كان من عصبته بتقادم ألوف، وبامريات وأربعين، وبامريات عشرة. وفرق الاقطاعات على المماليك، وأقام له عصبة قوية، وظن أن الوقت قد صفا له.

ثم في العشر الأخير من شهر رمضان جاء الخبر من الكرك بأن الملك الظاهر برقوق قد ملك قلعة الكرك وعصى بها. وكان سبب ذلك أن الأتابكي منطاش ارسل شخصا من البريد يقال له الشهاب، وأرسل على يده مرسوما شريفا إلى نائب الكرك بقتل الملك الظاهر برقوق.

ومن العجائب أن منطاش مملوك الملك الظاهر برقوق، اشتراه في سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ورباه صغيرا ثم أعتقه، وأخرج له خيلا وقماشا. وكان منطاش شجاعا بطلا، فظهر منه بعض افساد في القاهرة، فضربه السلطان برقوق علقة قوية ونفاه إلى البلاد الشامية. فلما عصى يلبغا الناصري التف عليه منطاش، وحضر معه إلى القاهرة، وحارب أستاذه برقوق أشد المحاربة، وقيده ونفاه إلى الكرك … وما كفاه ذلك حتى أرسل مراسيم بقتله، فكان حال السلطان برقوق مع مملوكه منطاش كما قيل في المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>