للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن الأمير بطا خلع على الأمير حسين بن الكوراني، واستقر به والى القاهرة كما كان أولا.

ثم في يوم الأحد ثاني ربيع الأول حضر هجان على يده مراسيم شريفة متوجة بطا يجهز الاقامات إلى قطيا.

ثم بعد ذلك حضر شيخ العرب زيد بن عيسى شيخ العائد وأخبر بما جرى للملك الظاهر برقوق مع الملك المنصور أمير حاج ومع الأتابكي منطاش. فأخبر أن الملك المنصور لما وصل شقحب تلاقى هناك هو والملك الظاهر برقوق، فحصل بين العسكرين واقعة عظيمة لم يسمع بمثلها، وذلك في يوم الأحد رابع عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. فلما التقوا هناك على شقحب انكسر الملك الظاهر برقوق كسرة قوية وهرب، وأسر الأمير قجماس ابن عم الملك الظاهر وجرح. فلما انكسر الظاهر برقوق وولى دخل الأتابكي منطاش إلى الشام ومعه الأمير قجماس ابن عم الملك الظاهر برقوق وهو أسير.

ثم أن الأتابكي منطاش قال لنائب الشام الأيمر نجردمر: "أخرج أنت وعسكر الشام ولاقى الملك المنصور". .. وكان الملك المنصور لما انكسر برقوق أخذ الخليفة المتوكل والقضاة الأربعة وخزائن المال وبعض جماعة من العسكر، ونزل تحت جبل خارجا عن الشام بيوم.

هذا ما كان من أمر الملك المنصور والأتابكي منطاش.

وأما ما كان من أمر الملك الظاهر برقوق بعد كسرته، فانه هرب هو والأمير كمشبغا الحموي نائب حلب. فأما نائب حلب فتوجه تحت الليل إلى حلب ودخلها. ثم حصن المدينة وظن أن الظاهر برقوق قد تلاشى أمره. وأما الملك الظاهر برقوق فانه لما انكسر هرب في نفر قليل من العسكر وتوارى خلف الجبل الذي تحته الملك المنصور والخليفة والقضاة، فأتى إليه بعض العرب وأخبره بأن الملك المنصور تحت ذلك الجبل، فكبس عليهم برقوق بمن معه من العسكر - وكانوا نحو أربعين إنسانا - فألقى الله الرعب في قلوب عسكر المنصور، وغلت أيديهم عن القتال، فنزل عليهم الظاهر برقوق كالباز على الطائر، واحتوى على كل ما معهم من البرك والقماش والسلاح وخزائن المال. فلما جرى ذلك تسامع به الناس فجاءوا إليه أفواجا من كل مكان، كما قيل: "إذا استقام نجم سعدك، فاصنع مع السعد ما شئت". .. فبات برقوق هناك تلك الليلة.

فلما بلغ ذلك منطاش حضر - ومعه عساكر الشام والسواد الأعظم من دعر دمشق - فحصل بينهم واقعة أعظم من الواقعة الأولى، وقتل بها ما لا يحصى من الخلائق، واستمرت الحرب سائرة بينهم من باكر النهار إلى غروب الشمس، فانكسر الأتابكي

<<  <  ج: ص:  >  >>