للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منطاش وعسكر الشام كسرة قوية، قولوا هاربين إلى نحو دمشق، وصار القتلى على الأرض مثل الحصا من أهل الشام وعسكر مصر، وربما عوقب من لم يجن كما قيل:

حب السلامة يثنى عزم صاحبه … عن المعالي ويغرى المرء بالكسل

فلما جرى ذلك أقام الظاهر برقوق بمنزلة شقحب يومين. ثم ان شخصا من الصالحين يقال له الشيخ شمس الدين الصوفي مشى بين الملك الظاهر برقوق وبين الملك المنصور أمير حاج في أن يخلع نفسه من الملك ويسلم الأمر إلى الملك الظاهر برقوق، فأجاب الملك المنصور إلى ذلك، وأحضر الخليفة المتوكل والقضاة الأربعة، وخلع نفسه من الملك وأشهدوا عليه بذلك.

ثم أن الخليفة والقضاة بايعوا الملك الظاهر برقوق بالسلطنة، وذلك بمنزلة شقحب.

ثم أن الظاهر برقوق أقام هناك تسعة أيام، فوقع في العسكر الغلاء وعز الشعير والتبن والقمح حتى بيعت كل بقسماطة بخمسة دراهم شامية، وبيع كل فرس بعشرين درهما شامية - لعدم العليق - وكل جمل بعشرة دراهم ولم يوجد من يشتريه بهذا السعر، وبيعت القطعة السكر بثقلها فضة ولم توجد … فقلق العسكر قاطبة وهموا بالوثوب على برقوق، فلما رأى ذلك عزم على التوجه إلى نحو الديار المصرية، فخلع عند رحيله على الأمير اياس الجرجاوي واستقر به نائب صفد، وخلع على الأمير قديد القلمطاوي واستقر به نائب الكرك.

ثم أنه أمر العسكر بأن يرحلوا أولا بأول، فرحلوا من شقحب وبقى الظاهر برقوق والخليفة والملك المنصور وبعض أمراء ومماليك سلطانية، فلما بلغ منطاش ذلك خرج من الشام ومعه نحو مائتي إنسان من عسكر دمشق، ووقف على تل عال خارج عن دمشق، فلما بلغ الظاهر برقوق ذلك ركب وخرج إليه، فوقف كلاهما هناك ساعة ولم يقع بينهما قتال.

ثم أن منطاش رجع إلى الشام، ورجع برقوق ثم رحل من شقحب وقصد نحو الديار المصرية، فسار هو والخليفة والقضاة الأربعة والملك المنصور.

فلما وصل الظاهر برقوق إلى غزة قبض على نائب غزة الأمير حسين بن باكيش - وكان وقع منه في حق الظاهر برقوق لما خرج من الكرك ما قد تقدم ذكره - ثم قيده وأخذه صحبته إلى القاهرة، وخلع على الأمير علاء الدين بن أقبغا السلطاني واستقر به نائب غزة عوضا عن ابن باكيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>