ثم أن السلطان خلع على الصاحب بدر الدين الطوخي وأعاده إلى الوزارة، وخلع على القاضي شرف الدين بن الدماميني واستقر به ناظر الجيش وناظر الخاص ووكيل بيت المال، فأقام هؤلاء في هذه الوظائف نحو ثلاثة شهور.
ثم أن السلطان رضي على الصاحب فخر الدين ابن عراب وأعاده إلى الوزارة، وأعاد أخاه القاضي سعد الدين بن غراب إلى وظائفه كما كان، وخلع على القاضي شرف الدين بن الدماميني واستقر به قاضي ثغر الاسكندرية عوضا عن أخيه.
وفيها خلع السلطان على الشيخ أنبيا التركماني واستقر به شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس عوضا عن الشيخ إسلام الحنفي.
وفيها جاءت الأخبار من دمشق بأن تنم نائب الشام جمع عسكرا عظيما من الشام وهو قاصد نحو الديار المصرية، وقد وصل أوائل عسكره غزة. فلما تحقق السلطان صحة هذا لحبر علق الجاليش، ونادى للعسكر بالعرض، وأنفق عليهم في يومه، ثم برز خيامه إلى الريدانية.
فلما كان يوم الخميس رابع رجب من السنة المذكورة طلب السلطان ونزل من القلعة، وخرج في موكب عظيم ومعه أمير المؤمنين المتوكل والقضاة الأربعة وسائر الأمراء، فتوجه إلى نحو الريدانية وخرج من بعده أطلاب الأمراء المسافرين معه.
ثم أن السلطان جعل الأتابكي بيبرس نائب الغيبة بمصر إلى أن يعود السلطان إلى الديار المصرية، وتركت بمصر جماعة من الأمراء العشراوات والحجاب وبعض مماليك سلطانية، ثم أن الملك الناصر عين جماعة من الأمراء بأن يتقدموا أمام العسكر، وهم الأمير بكتمر الركني أمير سلاح، والأمير تمراز الناصري أمير مجلس، والأمير شيخ المحمودي الخاصكي أحد الأمراء المقدمين، والأمير سودون قريب السلطان، والأمير دقماق المحمدي، وجماعة من العسكر والمماليك السلطانية نحو ألف مملوك … فتقدموا أمام العسكر.
فلما كان يوم الجمعة ثامن رجب رحل السلطان من الريدانية وقصد التوجه إلى نحو البلاد الشامية.
ومن هنا نرجع إلى أخبار تنم نائب الشام. فانه لما تولى الملك الناصر فرج خرج عن الطاعة وأظهر العصيان، ووضع يده على البلاد الشامية، وقد وافقه على العصيان نائب حلب ونائب حماه ونائب صفد ونائب طرابلس، والتف عليه من العسكر والعربان ما لا يحصى عددهم. فلما ركب الأتابكي أيتمش بمصر وانكسر كما تقدم، توجه إليه هو والأمراء الذين ركبوا معه. فلما توجهوا إليه قويت شوكته وعظم أمره، فصار تنم يركب