للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ربيع الأول ابتدأ السلطان بتفرقة النفقة - وهي نفقة البيعة - على الجند، وكانت قد ضربت قبل ذلك، وهي الدنانير المناصرة تنقص عن وزن الأشرفي قيراطين من ذهب، وكان القائم في ذلك ناظر الخاص يوسف. فلما تسلطن اينال ضربت باسمه وأنفقها على الجند. وجلس السلطان للتفرقة على الجند، فأنفق على جماعة من الجند مائة، وعلى جماعة منهم خمسين دينارا، وعلى جماعة منهم خمسة وعشرين دينارا، وعلى جماعة عشرة دنانير … وهو أول من شح في نفقة البيعة وميز الجند بعضا على بعض، فكلمه بعض الأمراء في ذلك فأجاب بأن الأمير تمربغا الدوادار رتب ذلك في قوائم في دولة المنصور، وقد مضى ذلك على هذا الحكم، فما تنبغي الزيادة على ذلك والخزائن مشحونة من المال، وان هذا القدر ما تحصل إلا من المصادرات من ناظر الخاص يوسف وزين الدين الاستادار وغير ذلك من المباشرين، وهذا أول تصرفات اينال في أحوال أمور المملكة في الولاية والعزل.

وفيه توفى جقمق اليشبكي الخاصكي احد معلمي ارمح، وكان ترشح أمره إلى نيابة القلعة بمصر، وكان شجاعا مقداما في الحرب، جرح في هذه الواقعة واستمر ملازما للفراش حتى مات. وتوفي الشيخ علي الرفاعي شيخ المدرسة الأشرفية شمس الدين الأبح كاتب المماليك، وتوفى الأمير أرنبغا البونسي النصاري الذي تقرر في تقدمة الألف.

وتوفي جانبك الوالي الزردكاش الكبير وكان من مماليك يشبك الجكمي، فلما مات خلع السلطان على نور كار الحاجب الثاني، وقرر في الزردكشية الكبرى عوضا عن جانبك الوالي، وقرر في الحجوبية الثانية سمام الحسني. وقد قرر السلطان جماعة كثيرة من الأشرفية البرسبيهية في عدة وظائف سنية، وقرر منهم جماعة كثيرة رءوس نوب حتى بلغ عدتهم في أيام دولته فوق الخمسة والعشرين أميرا رأس نوبة، وقرر عدة دوادارية فوق عشرة أنفار، وعدة سقاة وبوابين، وفرق الاقطاعات على غالب المماليك الأشرفية.

وقبض على جماعة كثيرة من مماليك الظاهر، ونفى منهم جماعة من أعيانهم إلى بلاد الشام، ونفى منهم جماعة إلى الوجه القبلي نحو قوص فاستقامت أموره في السلطنة، وثبتت قواعد دولته، واستمر في السلطنة إلى أن مات على فراشه كما سيأتي ذكر ذلك.

وفي ربيع الآخر قدم جانم الأشرفي الذي كان أمير آخور كبير ونفى إلى صفد، وحضر جاني بك قلقسير الأشرفي الذي كان نفى إلى طرابلس فحضر من غير اذن، فأنعم عليه السلطان بامرية عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>