للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى في سنة سبع وستين وسبعمائة، لما طرق الإفرنج ثغر الإسكندرية، فدخلها على جرائد الخيل. والثانية كانت في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، فأوكب بها في هذه المرة، وزينت له مدينة الإسكندرية، وفرش له خليل بن عرام نائب الإسكندرية الشقق الحرير، ونثر على رأسه خفائف الذهب والفضة، ومشت بين يديه الأمراء وكان له بها يوم مشهود. وكان دخوله من باب رشيد، فإنه كان في تروجة. وتوجه من هناك إلى الإسكندرية، فأقام بها ثلاثة أيام وعاد إلى القلعة.

ثم توجه بعده إلى الإسكندرية الملك الناصر فرج بن برقوق، في سنة أربع عشرة وثمانمائة، فلما دخلها كان له بها يوم مشهود. فوقف له بعض تجار المغاربة بقصة يشكو له من ظلم القباض لهم، فأبطل ما كان يؤخذ منهم، من الثلث إلى العشر، فارتفعت له الأصوات بالدعاء. وعد ذلك من محاسن السلطان فرج.

ومن هن نرجع إلى أخبار الأشرف قايتباي، فلما نزل بالمخيم مد له هنا قجماس نائب الإسكندرية مدة حافلة، ثم خلع على الملك المؤيد ونائب الإسكندرية، ورجعا إلى دورهما، وصحبتهما الأمراء قاطبة. فأقام هناك ثلاثة أيام، ولعب الكرة في الفضاء، ولعب معه الملك المؤيد والأمراء الذين توجهوا معه. ودخل عليه من تجار الإسكندرية تقادم حافلة. ثم أنه توجه نحو المنار القديم، الذي كان بثغر الإسكندرية، ورسم بأن يبني على أساسه القديم برجا، فبنى به برجا عظيما، وهو الموجود حتى الآن. ثم أن السلطان رحل من الإسكندرية وتوجه إلى نحو أدكو ودمنهور وغير ذلك من البلاد العربية، وانشرح السلطان في هذه السفرة إلى الغاية، واستمر يرحل من مكان إلى مكان علي سبيل التنزه، نحوا من أربعين يوما، حتى عاد إلى القلعة المنصورة.

ومن الحوادث أنه جاء في غيبة السلطان قاصد من عند قراجا الطويل، نائب حماه، وأخبر أن نائب حماه ثار عليه أهل البلد ورجموه وأخرجوه منها، وقتلوا دواداره وأحرقوه بالنار، بسبب ظلمه وعسفه في حق الرعية. فلما بلغ السلطان هذا الخبر، عين من هناك خاصكيا لكشف الأخبار، ليرى الظالم من المظلوم.

وفيه حضر قاصد من مكة المشرفة، وأخبر بنزول صاعقة عظيمة عند باب السلام، فاحترق منها عدة أماكن، وأخبر بوفاة قاضي القضاة المالكية بمكة المشرفة، وهو محمد أبو اليمن بن أبي السعادات، وكان من أهل العلم والفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>