وليمة حافلة جدا، وعزم على جانم وقانصوه خمسمائة وآخرين من الأمراء فلما حضروا أصلح الأمير يشبك بين جانم وبين قانصوه خمسمائة. وكان بينهما وحشة. ثم خلع على كل واحد منهما كاملية بسمور، وأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش … وكانت هذه الوليمة من نوادر الضيافة الحافلة.
*****
وفي ربيع الآخر كانت نهاية ضرب الكرة وأضاف السلطان الأمراء ضيافة حافلة.
ونزلوا إلى دورهم.
وفيه كانت وفاة الأمير جانم الشريفي، قريب السلطان أحد المقدمين. وكان من حين أضافه الأمير يشبك وهو مريض، حتى اتهم الأمير يشبك بأنه قد شغله في ذلك اليوم في شيء من المأكول، فلما تزايد به المرض وتورمت قدماه، حمل في محفة وتوجهوا به إلى بولاق، فأقام هناك بعض أيام ومات. فأمر السلطان يحمله إلى داره في محفة، فغسل وكفن وصلى عليه بسبيل المؤمنين، وكان له يوم مشهود. ثم توجهوا به إلى تربة السلطان فدفن بها. واستمر العزاء عمالا بالقلعة ثلاثة أيام بدور الحريم. وتأسف عليه السلطان غاية الأسف. وقيل أن السلطان جلس بقاعة البحرة، ورسم لنساء عرب اليسار أن يدقوا ويلطموا على الأمير جانم وهو ينظر إليهن. وقد جلس للعزاء وصارت الأمراء تتلطف به وتسليه. وقيل أن جانم كان يقرب للسلطان من جهة النساء، وكان جميل الصورة حسن الهيئة، قد بدا عذاره. وكان رئيسا حشما وافر العقل جليل القدر، ورأى غاية العز والعظمة على صغر سنه، وأقام بالطبقة مدة يسيرة، ثم بقي خاصكيا، ثم بقي أمير عشرة، ثم بقي ناظر الجوالي، ثم بقي شاد الشرابخاناه، ثم بقي مقدم ألف. وجاءت إليه السعادة سريعا، وزالت عنه في مدة يسيرة، وقد دهمه الموت فتوفي وله من العمر نحو عشرين سنة، وكان كريما سخيا بالعطاء حتى قيل فيه:
فقت الكرام في الورى … يا مطلب الرائم
ما أنت إلا حاتم … تصحفت بجانم
وكان قد تزوج بخوند أخت خوند زوجة السلطان، وكان له مهم حافل، وكان له زفاف ليلة خلا بزوجته لم يسمع بمثله. وزينت له القاهرة بالمصابيح والشموع، وعلقت ليلة