للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زفاف عرسه التنانير بها القناديل من سويقة العزى إلى ما بين القصرين، ومشى أمامه الأمراء المقدمون، وكان الأمير يشبك ماسكا عنان فرسه من جهة الميمنة، وأزدمر الطويل حاجب الحجاب ماسكا لجام فرسه من جهة الميسرة، وبقية الأمراء مشاة قدامه بالشموع، من سويقة العزى إلى بيت العلائي على ابن خاص بك، وكان المهم هناك. فزف وزفت له العروس فكان أبهى من العروس كما قيل:

ما سمعنا فيما سمعنا قديما … بعروس يجلي عليها عروس

وكان زفاف الأمير جانم من المعدودات، بحيث لم يقع بعده مثله.

فلما انقضت وفاة الأمير جانم كثر الكلام في حق الأمير يشبك بسبب جانم، ونسب إلى قتله بالسم، وصار في تهديد ووعيد من المماليك الجلبان. ووقع بسبب هذه الحادثة أمور شنيعة يطول الكلام في شرحها. وقصدوا قتل الأمير يشبك غير ما مرة. وصار السلطان يرجع المماليك عن الأمير يشبك، وصار الأمير يشبك يترضى خاطر المماليك الجلبان بكل ما يمكن، حتى سكنت هذه الفتنة قليلا. وصار على رأس الأمير يشبك طيرة من الجلبان، حتى كان من أمره ما سنذكره.

وفيه قدم الملك المؤيد أحمد من الإسكندرية. وكان سبب قدومه أن والدته خوند حصل لها توعك شديد وقد أشرفت فيه على الموت، فأتى إليها الأمير يشبك ليعودها. فسألت فضله أن يسأل السلطان في حضور ولدها الملك المؤيد إلى مصر لتنظره قبل أن تموت. فلما طلع الأمير يشبك إلى القلعة، تكلم مع السلطان في ذلك، فرسم بإحضاره. فلما حضر طلع إلى القلعة ودخل الحوش وهو راكب، وكان معه ولده علي، فقام له السلطان ورحب به وخلع عليه وعلى ولده. ونزل من القلعة في موكب حافل ومعه الأمير يشبك الدوادار، وتاني بك قرا وآخرون من الأمراء. فنزل في داره التي بالجسر الأعظم عند والدته.

*****

وفي ثالث جمادي الأولى كان وفاء النيل، وقد أوفى في تاسع عشري أبيب القبطي، وكسر في آخر يوم من أبيب، فعدّ ذلك من النوادر.

فلما وفى توجه الأتابكي أزبك وفتح السد على العادة وكان يوما مشهودا. ثم بعد يومين زاد النيل عشرين أصبعا فغلق الذراع السابعة عشرة وست أصابع من الذراع الثامنة عشرة. فعد ذلك من النوادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>