للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن السلطان أقام بثغر الإسكندرية أياما ورحل عنها. ثم جاءت الأخبار بأن السلطان دخل إلى دسوق، وزار سيدي ابراهيم الدسوقي، وهو ماش وحوله الأمراء. واستمر السلطان غائبا في هذه السفرة إلى أواخر الشهر المذكور.

وفيه توفيت خوند زينب والدة الملك المؤيد أحمد، وكانت من أجلّ الخوندات قدرا، ورأت في دولة زوجها الأشرف اينال غاية العز والعظمة، حتى صارت تدبر أمور المملكة، من ولاية وعزل. وكانت نافذة الكلمة وافرة الحرمة … في سعة من المال، ولم تتزوج غير الأشرف اينال، ولم يتزوج هو أيضا غيرها. وصادرها الملك الظاهر خشقدم غير ما مرة، وأخذ منها جملة مال، وهي باقية، وعقد ناموسها لم يتغير إلى أن ماتت. وقد جاوزت من العمر نحو الثمانين سنة. وهي زينب بنت حسن ابن خليل بن خاصبك، لم يجيء بعدها في الخوندات مثلها. وكانت من مشاهير الخوندات، وكانت إذا دخلت على الأشرف قايتباي يقوم لها ويعظمها. ولما ماتت لم يحضر جنازتها، ولم يحضرها أحد من المقدمين، غير تاني بك قرا. وسبب ذلك أن السلطان كان غائبا، فلم يجسر أحد من الأمراء أن يجيء عند ولدها الملك المؤيد، وبعد هذا ما سلم الأمر من القال والقيل، فحضر جنازتها قضاة القضاة، وأعيان الدولة.

ثم في سلخ الشهر المذكور حضر السلطان من السفر في البحر أيضا، وطلع من بولاق، وكان له يوم مشهود. وقد عد سفره من النوادر، وكونه توجه إلى ثغر الإسكندرية، وترك الملك المؤيد بالقاهرة، مع أن مماليك أبيه الأشرف اينال كانوا في غاية التمرد، ينتظرون وقوع الفتن. وظهر منهم في عيبة السلطان بعض حركة، وانكشف رخ جماعة منهم في هذه الحركة، ونفي فيما بعد منهم جماعة كثيرة كما سيأتي الكلام على ذلك.

*****

وفي جمادي الآخرة، أضاف السلطان الملك المؤيد ضيافة حافلة بالبحرة، وخلع عليه وعلى ولده، وأذن لهم بالعود إلى الإسكندرية، وقدم الملك المؤيد للسلطان تقدمة حافلة من مال وتحف، بسبب موجود والدته الذي خلفته.

وفيه ثبت النيل المبارك على عشرين أصبعا وعشرين ذراعا، فوافق ذلك مثل العام الماضي، حتى عد ذلك من النوادر.

*****

وفي رجب سافر الملك المؤيد إلى الإسكندرية وقد أقام بالقاهرة نحو شهرين إلا أياما.

<<  <  ج: ص:  >  >>