للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير يشبك عداوة. وقصد أزدمر قتل يشبك غير ما مرة، بل وقتل السلطان أيضا. فلما برز الأمير يشبك بالريدانية للتجريدة، أرسل يشبك يقول للسلطان: "ما أرحل من هنا حتى تقطع رأس أزدمر الطويل. وتجيء إلي". وتأخر أياما ينتظر ذلك، فأرسل السلطان يوسف السوام الذي كان والي قوص، إلى سيباي كاشف الوجه القبلي، بقطع رأس أزدمر الطويل، فتوجه في الخفية إلى أسيوط، وعلى يده مرسوم السلطان إلى سيباي، بقطع رأس أزدمر، فقطع رأسه بأسيوط، ووضعت في علبة، وأحضرت بين يدي السلطان، فنظر إليها ثم أرسلها إلى الأمير يشبك فنظر إليها، وكتم هذه الأمر عن الناس، وما خفى بل اشتهر من يومه. وكان أزدمر هذا من أعيان الإينالية شجاعا، بطلا مقداما في الحرب، عارفا بأنواع الفروسية.

ثم أن الأمير يشبك رحل من الريدانية. وقد نال قصده من أزدمر. ثم قطع رأس الأمير يشبك بعد ذلك بمدة يسيرة والمجازاة من جنس العمل.

وفيه توفي برد بك التاجي الأشرفي أحد العشراوات، وكان لا بأس به.

وفيه تغير خاطر السلطان على قاضي القضاة الشافعية ولي الدين الأسيوطي، وعلى قاض قضاة الحنابلة بدر الدين السعدي، فعزل القاضي الشافعي ورسم بنفي القاضي الحنبلي إلى قوص. ولم يكن ثم أمر كبير يستحق هذه الكائنة، بل ما نكب القاضي الشافعي إلا بسبب تركة إنسان، والقاضي الحنبلي بسبب كتاب وقف، ونحو ذلك. واستمر أمرهما في اضطراب مدة أيام، وتكلموا مع السلطان فيمن يلي قضاء الشافعية وقضاء الحنبلية.

وكتب قائمة بأسماء جماعة من طائفتي المذهبين، ثم عاد الأمر إلى إعادتهما إلى ما كانا عليه بشفاعة الأتابكي أزبك، فخلع إلى القاضيين، ونزلا إلى دورهما وكان لهما يوم مشهود.

*****

وفي جمادي الأولى توفي القاضي شرف الدين يحيى ابن الجيعان، مستوفي ديوان الجيش، وهو يحيى بن شاكر بن عبد الغني الشافعي، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما وله اشتغال بالعلم والفرائض. وفيه تغير خاطر السلطان على القاضي تاج الدين ابن المقسى ناظر الخاص كان، فرسم بتسميره، فسمر على جمل، وطيف به في القاهرة، وتوجهوا به إلى قنطرة الحاجب ليوسطوه هناك. وكانت هيئته وهو مسمر على الجمل أنه على رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>