وكان الشهاب هذا جميل الهيئة، نير الوجه، متعففا عن الناس. ولما بلغ خمسا وسبعين سنة من العمر قال:
بلغت من دنياي سنا به … وقعت في السبعين والخمس
فالحمد لله الكريم الذي … متعني بالسن والضرس
ولما بلغ الثمانين سنة من العمر قال:
نحو الثمانين من العمر قد … قطعتها مثل عقود الجمان
وما أحوجت يوما يميني إلى … عصا ولا سمعي إلى ترجمان
ثم عرض له في أواخر عمره فالج، فلزم الفراش مدة طويلة، وانقطع في داره عن الحركة، فأنشأ يقول:
آه يا درهمي ويا ديناري … ضعت بين الطبيب والعطار
كنت أنسى في وحدتي وشفائي … من سقامي وصحتي في انكسار
كنت تقضي مما حلا من غداء … وعشاء، منيتي أوطاري
قد حماني الطبيب عن شهواتي … فاحم يا رب قلبه بالنار
طال شوقي إلى الفواكه والبط - … يخ والجبن واللبا والخيار
ضاع لبي على مقاساة لب ال … قرع والهندبا وبرز الشمار
كلما أجمع اختيارا حطاما … فرقته مني يد الاضطرار
ليت شعري وللزمان خطوب … وبلاء يختص بالأحرار
هل لميت قضى عليه طبيب … من كفيل أو آخذ بالثار
واستمر بهذا الفالج إلى أن مات، وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
وفيه ثار جماعة من المماليك الجلبان بالقلعة، وقصدوا قتل مقدم المماليك، حتى فر منهم واختفى وأحرقوا باب الزردخانة. وكانت فتنة كبيرة، ثم سكن الحال قليلا.