للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدة احتاط عليها نائب جدة، وأحضرها صحبته إلى السلطان، وكان من جملة تلك الهدية خنجر قبضته مرصعة بفصوص مثمنة. فطمع السلطان في تلك الهدية، وأخذ الخنجر. فلما بلغ ابن عثمان ذلك حنق. وجاء في عقب ذلك أن علي دولات ترامى على ابن عثمان، وشكا له من أفعال السلطان وما يصدر منه .. فتعصب لعلي دولات وأمده بالعساكر، واستمرت الفتنة تتسع حتى كان منها ما سنذكره في موضعه. وقد طمع غالب ملوك الشرق في عسكر مصر، بموجب ما وقع لهم مع سوار وبابندر، وغير ذلك من ملوك الشرق. ثم أن السلطان أرسل الخنجر المذكور والهدية التي بعث بها ملك الهند، وأرسل يعتذر إلى ابن عثمان عن ذلك بعد أن صار ما صار، فكان كما قيل:

جرى ما جرى جهرا لدى الناس وانبسط … وعذر أتى سرا يؤكد ما فرط

ومن ظن أن يمحو جلىّ جفائه … خفىّ اعتذار فهو في غاية الغلط

ثم أن جاني بك لبس خلعة السفر ونزل في موكب حافل، وتوجه إلى ثغر الإسكندرية، ونزل من هناك في مراكب، وتوجه إلى بلاد ابن عثمان من البحر الملح.

وفيه قرر في الأتابكية بحلب قرقماس التنمي، عوضا عن إينال الخسيف، بحكم انتقاله إلى نيابة صفد. وقرر في نيابة الكرك أمير زاده بن حسن الدوكاري، عوضا عن جاني بك الطويل.

وفيه توفي خليفة سيدي ابراهيم الدسوقي، ورضي عنه، وهو خير الدين أبو الكرم الشافعي وكان لا بأس به.

*****

وفي ربيع الأول عرض السلطان العسكر وعين تجريدة إلى علي دولات، وعين بها من الأمراء برسباي قرا رأس نوبة النوب، وتاني بك الجمالي أحد المقدمين، ورسم لهم بأن يتقدموا جاليش العسكر إلى أن يخرج الأتابكي أزبك. ثم أنفق على العسكر الذي تعين للتجريدة فبلغت النفقة زيادة عن مائة ألف دينار.

وفيه توفي قاضي قضاة الشافعية كان، وهو بدر الدين محمد أبو السعادات ابن محمد بن عبد الرحمن بن عمر الكناني الشافعي، وكان عالما فاضلا بارعا. تولى قضاء الشافعية بمصر في دولة الظاهر خشقدم، ولم تطل مدته بها، وكان عنده خفة روح زائدة، ورهج في الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>