وفيه رسم السلطان بقطع يد مملوك من جلبانه، قد سرق غير مامرة، فلما أراد قطع يده شفع فيه بعض الأمراء، فحنق منه السلطان، ورسم بقطع رجله أيضا.
وفيه رسم السلطان للأمير أقبردى الدوادار، وأبي البقاء بن الجيعان، وجانبلاط، وماماي، ورمضان، بأن يتوجهوا إلى القدس وصحبتهم من القراء والوعاظ جماعة، وأن يعمل وليمة لمدرسة السلطان التي أنشأها بالقدس، وقد انتهى منها العمل، وخرج ابن أبي شريف صحبتهم، وقد تقدم تقريره بالمدرسة.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بأن عسكر ابن عثمان قد استولى على قلعة كولك، وكان بها شخص من المماليك السلطانية يقال له طوغان الساعي. فلما حاصروه أسلمها إليهم بالأمان. وكانت هذه أول وقائع ابن عثمان، ثم اتسع الأمر بعد ذلك، وكان ما سنذكره في موضعه.
*****
وفي رجب جاءت الأخبار بوفاة ملك الأندلس، صاحب غرناطة، وهو الغلب بالله أبو الحسن علي ابن سعد بن محمد بن الأحمر. وكان من خيار ملوك الغرب، ومشتهرا بالعدل، عارفا بتدبير المملكة، حسن السيرة لا بأس به.
وفيه جاءت الأخبار من مكة المشرفة بأن الأمطار كانت قليلة بها جدا، وأن الآبار قد نشفت، وأن العين التي أجراها السلطان قد وقفت، وحصل لأهل مكة الضرر الشامل بسبب ذلك.
وفيه تزايد شر المماليك الجلبان، والزعر والعبيد، حتى أعيا أمرهم الوالي وحاجب الحجاب، وصارت الأحوال في اضطراب.
*****
وفي ثاني شعبان كان فاء النيل المبارك وقد أوفى في العشرين من مسرى، فلما أوفى توجه الأتابكي أزبك وفتح السد على العادة، وكان يوما مشهودا.
وفيه قرر البدري محمود بن أجان في قضاء الحنفية بحلب، عوضا عن ابن الحلاوين وكان هذا أول شهرة البدرى محمود بن أجا.
وفيه كان أول فتح خليج الأزبكية وكان يوما مشهودا. وعزم الأمير أزبك على الأمراء المقدمين بالقصر المطل على البركة، ومدت لهم الأسمطة الحافلة.
وفيه جاءت الأخبار بأن الفتن قائمة ببلاد المغرب، بتونس وفاس وغير ذلك من البلاد، وأن الفرنج قد استولت على مدينة مالقة.