سعر الغلال مرتفعا في السنة المذكورة، حتى غلا سعر الماء والروايا من عدم العلف لجمال السقائين.
وفيه نزل السلطان وتوجه إلى الروضة وعدى وهو راكب، وكان معه القاضي قطب الدين الخضيري، وجماعة من الخاصكية، فتوجه إلى خرطوم الروضة، وعدى وأقام به إلى آخر النهار، ونصب له هناك خيمة سحابة وموخر، فطاب له ذلك المكان، فأمر ببناء قصر مطل على الأربع جهات هناك، فلم يتم له ذلك.
وفيه كان دخول الحاج في خامس عشرية، وقد حصل لهم بموت الجمال وشدة الغلاء مشقة زائدة. وان أمير ركب المحمل أزدمر، وبالركب الأول برسباي اليوسفي. وقد جاور أكثر الناس، وانقطع جماعة بالينبع، ولم يدخلوا القاهرة إلا بعد أيام.
وفيه توجه أقبردي الدوادار إلى جهة الصعيد، بسبب فساد أولاد ابن عمر.
وفيه توجه السلطان إلى قبة يشبك الدوادار التي بالمطرية، فلما رجع نزل عن فرسه وزار تربة الطاهر برقوق، وكشف عن أحوالها. ثم عاد إلى القلعة، وألزم سرورا شاد الحوش بعمل مصالح الصوفية التي بتربة الظاهر برقوق.
*****
وفي صفر قتل القاضي تقي الدين أبو بكر المعروف بخروف، قتل ببولاق ولا يعلم من قتله. وكان رئيسا حشما لا بأس به. وكان ترشح أمره بأن يلي قضاء الحنفية في جولة الظاهر خشقدم، وقد سعى له ابن العيني.
وفيه خسف جرم القمر، وأظلم الجو، واستمر على ذلك نحوا من خمسين درجة.
وفيه توفي سيدي موسى بن الخليفة المتوكل على الله، عم أمير المؤمنين أبي العز عبد العزيز، وكان رئيسا حشما وفاتته الخلافة عدة مرار. وقد تولى أربعة من أخوته وهو مبعد لقلة حظه. وكان مولده قبل العشرين والثمانمائة.
وفيه جاءت الأخبار بوقة ع فتنة عظيمة بين عربان جبل نابلس، وقتل فيها أقبردي بن بخشايش الإينالي استادار الأغوات. وقتل أيضا جماعة كثيرة من العربان. منهم: أبو بكر أمير حزم، ويوسف بن الجيوسي أحد المشايخ بنابلس، وجماعة كثيرة من أولاد اسماعيل، وأولاد عبد القادر، وكانت فتنة شنيعة مهولة. فلم بلغ السلطان ذلك عين أقبردي الدوادار الكبير بأن يتوجه إلى جبل نابلس، ويخمد هذه الفتنة التي بين العربان، فخرج مبادرا إلى ذلك.