وفيه كانت وفاة قاضي قضاة الشافعية كان، وهو ولي الدين أحمد الأسيوطي ابن أحمد بن عبد الخالق بن عبد العزيز بن محمد القاهري الشافعي، وكان عالما فاضلا محمودا في أيام قضائه، ورئيسا حشما سيوسا في أفعاله. ولى القضاء الأكبر ومشيخة الجمالية، والناصرية، وعدة تداريس، وأقام في القضاء، وهو مع الناس في أحسن سيرة، ودام فيها ست عشرة سنة، والناس راضون عنه، وكان مولده سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
وفيه جاءت الأخبار من حلب، بأن العسكر المصري تقاتل مع عسكر ابن عثمان، وانتصر على عسكر ابن عثمان، وقتل منهم جماعة كثيرة نحوا من أربعين ألفا من توابع عسكره، وقبض على أحمد بك بن هرسك، وكان باش عسكر ابن عثمان وأجل أمرائه - ومعه جماعة من الأمراء أصحاب الصناجق العثمانية، وأسروهم وأودعوهم في الحديد، فلما بلغ السلطان ذلك سر به.
*****
وفي ربيع الأول عمل السلطان المولد النبوي، وكان حافلا، لكن كان أكثر الأمراء غائبا بالتجريدة. ولم يكن بمصر من الأمراء المقدمين سوى ثلاثة مقدمين.
وفيه توفي القاضي حسن بن عرب، وهو علي ابن عمر الطنبدي الشافعي، أحد نواب الشافعية بالحكم بالديار المصرية، وكان لا بأس به.
وفيه اختفى القاضي شهاب الدين أحمد ناظر الجيش، أخو القاضي كمال الدين، فلما اختفى خلع السلطان على البدري محمد ابن القاضي كمال الدين ناظر الجيش، وقرره في نظر الجيش، عوضا عن عمه الشهابي أحمد بحكم اختفائه. وكان البدري هذا حديث السن، لما تولى نظر الجيش، لم يلتح بعد.
وفيه قرر شاهين الجمالي في مشيخة الحرم النبوي.
وفيه توفي المسند شمس الدين محمد البساطي الشافعي، وكان علامة في الحديث، وكان دينا خيرا لا بأس به.
وفيه وصل دوادار نائب حلب، وأخبر بصحة كسرة ابن عثمان، والقبض على أحمد بك بن هرسك، وجماعة من أمراء ابن عثمان، وأعيانهم. وقد أخذ العسكر المصري من النهب ما لا يحصى من خيول وجمال وسلاح وبرك وقماش وغير ذلك، وأخذوا صناجقهم، وكانوا نحوا من مائة وعشرين صنجقا، وقد قطعت عدة وافرة من رءوس عسكر ابن عثمان، وسيحضرن صحبة قيت الرحبي الساقي الخاصكي … فسر السلطان لهذا الخبر، وخلع على دوادار نائب حلب خلعة حافلة.