وفيه كان خروج أزبك أمير كبير ومن عين معه من العسكر، وكان يوما مشهودا.
واستمرت الأطلاب تنسحب من أشراق الشمس إلى ما بعد الظهر، وخرج العسكر وهم لابسون آلة السلاح حتى عد ذلك من النوادر. وكان طلب أزبك أمير كبير وقانصوه خمسمائة غاية في الحسن حتى قيل كان مصروف طلب قانصوه خمسمائة نحوا من ثمانين ألف دينار. ثم أن الأمراء برزوا ونزلوا بالريدانية واستمروا هناك إلى أن رحلوا ولم تخرج من مصر تجريدة أعظم من هذه لا في زمن الظاهر برقوق ولا غيره.
وفيه قبض السلطان على أبي الفتح المنوفي نائب جدة ورسم عليه بطبقة الزمام، وكان حصل له ماليخوليا وطرف جنون. ثم خلع على جاهين الجمالي وقرره في نيابة جدة عوضا عن أبي الفتح ثم أمر السلطان بتوجه أبي الفتح إلى البيمارستان فإنه لما أحضره السلطان وكلمه رد له جواب من في عقله خلل، فأمر بضربه بالمقارع فشفع فيه بعض الأمراء. وشهد جماعة من المباشرين بأنه قد حصل له ماليخوليا، وأمر بأن ينزلوا به إلى البيمارستان، وهو ماش مكشوف الرأس عريان وفي عنقه زنجير، ورسم بأن يدعوه عند المجانين ففعلوا به ذلك فأقام بالبيمارستان أياما ثم شفع فيه فعاد إلى طبقة الزمام وأقام في الترسيم. وكان أبو الفتح في خدمة السلطان مذ هو شاد الشراب خاناه. وكان عنده من المقربين ثم غربه ووقع له أمور يطول شرحها.
وفيه توفي برسباي الطلاشي الشمسي الظاهري أحد العشراوات وكان من خشداشي السلطان وكان لا بأس به.
*****
وفي رجب بلغ السلطان أن العربان قالت إن مصر ما بقي بها من العسكر إلا قليل، وزاد طمعهم في الترك. فرسم السلطان لمن بقي بالقاهرة بأن يركبوا في كل يوم أحد وأربعاء ويتوجهوا نحو المطرية ويعودوا ويشقوا من القاهرة، وفي أوساطهم السيوف والطراكيش فصاروا يفعلون ذلك في كل يوم أحد وأربعاء، ويدخلون من القاهرة أفواجا أفواجا وتقعد الناس على الدكاكين لرؤيتهم، فأقاموا على ذلك مدة ثم بطل.
وفيه كان انتهاء القبة التي جددها السلطان بالجامع بالقلعة عوضا عن التي سقطت، وجدد المنبر فجاء من أحسن ما يكون من البناء.
وفيه من الحوادث أن السلطان جدد مظلمة شنيعة، وهو أنه أرسل لكشاف الغربية والشرقية بأن يأخذوا من البلاد الخمس من خراج المقطعين، بسبب تجهيز خيالة من الشرقية من عربانها العشير يتوجهون نحو العسكر عونه بسبب قتال عسكر ابن عثمان.
فحصل للمقطعين غاية الضرر من كبس البلاد وقبض الفلاحين. ونسب ذلك إلى شرف