وفيه وصل أقبردي الدوادار من البحيرة، وكان قد خرج بسبب فساد العربان.
*****
وفي رجب كان ختان ابن السلطان المقر الناصري محمد الذي تسلطن بعده وكان عمره يومئذ نحوا من سبع سنين وأشهر، وكان المهم بالقلعة سبعة أيام متوالية، وكان من نوادر المهمات فاجتمع به سائر مغاني البلد، ورسم السلطان أن تزين القاهرة فزينت زينة حافلة حتى زينوا داخل الأسواق المشهورة وغير ذلك، وخرج الناس في القصف والفرجة عن الحد. وكان العسكر غائبا في التجريدة والناس في أمن من أذى المماليك. وكانت تلك الأيام مشهودة لم يسمع بمثلها، ودخل على السلطان من التقادم ما لا يحصي من مال وخيول وقماش وسكر وأغنام وأبقار وغير ذلك مما يزيد على خمسين ألف دينار. وكان من جملة ما أهداه الشهابي أحمد بن العيني طست وأبريق ذهب زنته ستمائة مثقال برسم الختان، وأشياء كثيرة غير ذلك. واختتن مع ابن السلطان جماعة كثيرة من أولاد الأمراء والأعيان والخاصكية فكانوا زيادة عن أربعين ولدا. فرسم لكل صبي منهم بكسوة على قدر مقام أبيه فكان من جملة أولاد الأعيان ابن الخليفة أمير المؤمنين عبد العزيز وهو ابنه سيدي عمر وابن الجمجمة بن عثمان، وأولاد العلائي علي بن خاص بك وغير ذلك من أولاد الأمراء والأعيان. فلما كان يوم الخميس عشرية اجتمع الأمراء والأعيان من الناس بالحوش السلطاني، وركب ابن السلطان من قاعة البحرة ومشت قدامه الأمراء والخاصكية وهم بالشاش والقماش، ومشي قاضي القضاة الحنفي ناصر الدين الأخميمي، وسائر أعيان المباشرين وأولاد الجيعان، وأعيان الخدام، وكان ماسك لجام الفرس الأمير أقبردي الدوادار والشهابي أحمد ابن العيني وهم بالشاش والقماش، ولم يكن بمصر من الأمراء المقدمين غير الأمير أقبردي الدوادار والأمير أزدمر تمساح والأمير أزدمر المسرطن واستمر ابن السلطان في ذلك الموكب من قاعة البحرة إلى باب الستارة والسلطان جالس في المقعد ينظر إليه، وفرشت تحت فرسه الشقق الحرير، ونثر على رأسه خفائف الذهب والفضة، ولاقته المغاني فنزل عن فرسه بباب الستارة ودخل به قاعة البيسرية فكان الختان بها، وقيل دخل على المزين نحو من خمسة آلاف دينار. فأنعم عليه من ذلك بألف دينار، والباقي تقاسمه الرؤساء من المزينين، وعد هذا الختان من النوادر.
ثم نزل ابن الجمجمة وأولاد العلائي علي بن خاص بك وتوجهوا إلى بيوتهم، فشفوا من القاهرة في موكب حافل، ورسم للقضاة الأربعة بأن يركبوا قدامهم ففعلوا ذلك.