للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جرى في هذه الواقعة أمور عجيبة، وحكايات غريبة، فمن ذلك أن بعض الرسل توجه نحو الحسينية، فأتى امرأة ساكنة في حوش ولم يجد عندها شيئا من متاع الدنيا، فطالبها ذلك الرسول بأجرة الحوش الذي هي ساكنة فيه، فجاء عليها من الأجرة عشرون نصفا عن مدة خمسة أشهر، فلم تجد شيئا تعطيه للرسول فأغلظ عليها وخرج منه الحد.

فلما رأت منه ذلك وكان عندها شجرة نبق في الحوش، فقالت له اقطع هذه الشجرة وبعها وخذ ثمنها في نظير ما جاء على … فأحضر القطاعين وقطع تلك السدرة وحملها ومضى.

وقد حصل للمرأة غاية الضرر لقطع شجرتها التي كانت تستظل تحتها في أيام الصيف.

وكانت هذه الحادثة من أشنع الحوادث في دولة قايتباي. وياليته صرف هذا المال في شيء عاد نفعه على الناس، ولكن صرفه في غير مستحقه وراح في البطال ولم ينتفع به كما سيأتي ذكر ذلك.

وفيه عمل السلطان المولد النبوي وكان حافلا.

وفيه كانت مصادرة المهتار رمضان، فضيق عليه السلطان حتى أخذ منه ستين ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك. وكان المهتار متحصله في كل يوم فوق الأربعين دينارا خارجا عن جهاته وحماياته، وغير ذلك. وكان متحدثا في نظر الكسوة وغير ذلك من الجهات السلطانية، ورأى من العز والعظمة ما لم يره غيره من المهاترة السلطانية.

*****

وفي ربيع الآخر ثارت المماليك الجلبان على السلطان، فطلبوا منه نفقة بسبب هذه النصرة التي وقعت لهم. فلما رأى منهم عين الجد أنفق عليهم على العادة، كما تقدم شرح ذلك.

وفيه عين السلطان قرقماش أمير أخور ثاني ليتوجه إلى دمشق بسبب جباية أملاك دمشق عن خمسة أشهر، كما وقع بمصر. وعين قاصدا أيضا إلى ثغر الإسكندرية ودمياط، وكانت هذه المصيبة عامة على الناس، حتى أخذ من أوقاف البيمارستان خمسة أشهر، وانقطع معلوم الأيتام الضعفاء في رواتبهم مدة خمسة أشهر، وكذلك سائر أوقاف الجوامع والمدارس والترب. وقطع معلوم الصوفية والصدقات الجارية. فلما توجه قرقماس المذكور إلى دمشق أظهر بها من المظالم أشياء كثيرة لم يفعلها هناد في زمانه.

وقرقماس هذا هو الذي تولى نيابة حلب فيما بعد، وقبض عليه طومان باي الدوادار لما خرج إلى الشام بسبب عصيان قصروه نائب الشام. فسجن قرقماس هذا بقلعة دمشق ثم عاد إلى مصر، وقد تولى الأتابكية.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>