وفي جمادي الآخرة هجم الطاعون بالقاهرة، وفشا جملة واحدة، وفتك في الناس فتكا ذريعا، وكانت قوة عمله في المماليك والعبيد والجواري والأطفال والغرباء، ووقع في هذا الطاعون أمور غريبة وحكايات عجيبة، منها أن الكمثري بيعت كل رطل بأشرفيين ولا توجد، وبيعت الواحدة منها باثني عشر نصفا. ومنها أن إنسانا كان معه خمسة أولاد فطعن الخمسة في يوم واحد وماتوا في يوم واحد. ومن العجائب أن جماعة كثيرة فروا من الطاعون لما دخل إلى مصر، فتوجهوا إلى أماكن عديدة، فلما ارتفع الطاعون عادوا إلى مصر، ولم يفقد منهم ولا من أولادهم أحد، فسبحان القادر على كل شيء. ولما كثر الموت عز وجود البعلبكي، وأضر ذلك بحال الناس، وكفنوا موتاهم في الخام والملحم، وغير ذلك.
وفيه توفي برسباي الخازندار أحد خواص السلطان والمتكلم على أوقافه، وكان شابا رئيسا حشما لا بأس به.
وفيه توفي مغلباي الشريفي ابن الطويل، وكان لا بأس به، وهو أحد مقدمي الألوف، وأصله من مماليك الأشرف قايتباي.
وفيه توفي جانم بن مصطفى الذي كان نائب قلعة حلب، ثم بقي مقدم ألف بمصر.
وفيه توفي قيت الساقي أحد العشراوات ووالي القاهرة، وكان لا بأس به.
وفيه توفي مغلباي الأشرفي أحد الأمراء العشراوات، وأصله من مماليك قايتباي.
وفيه توفيت بنت أزبك الأمير الكبير زوجة الأمير قانصوه خمسمائة أمير أخور كبير، وكانت شابة جميلة.
وفيه توفيت أختها بعدها بأيام وكانت بكرا.
وفيه توفي نامق المؤيدي أحد الأمراء العشراوات وكان لا بأس به.
*****
وفي رجب توفيت بنت السلطان قايتباي وكانت تسمى ست الجراكسة، وكانت شابة جميلة مستحقة للزواج، وكانت من سريته، فماتت هي وأمها في يوم واحد، وأخرجت قدام نعش ابنتها، وكانت جنازة بنت السلطان حافلة، وأخرجت في بشخانة زركش وقدامها كفارة، وكان يوما مشهودا.
وفيه أنعم السلطان على مملوكه جان بلاط بن يشبك بتقدمة ألف، وبعث إليه باليلب.
وجان بلاط هذا هو الذي تسلطن فيما بعد. وأنعم أيضا على مملوكه شاد بك بن مصطفى الخوخ الدوادار الثاني بتقدمة ألف، ثم حضر جانم المعروف بالمصبغة من الشام إلى