مصر، فأنعم عليه السلطان بتقدمة ألف بمصر، وأنعم على كرتباي قريبه بتقدمة ألف، وقرر ماماي الخاصكي في الدوادارية الثانية عوضا عن شاد بك الخوخ بحكم انتقاله إلى التقدمة، وقرر قيت الرحبي في ولاية القاهرة عوضا عن قيت الساقي بحكم وفاته بالطاعون.
وفيه كانت وفاة الشاب الفاضل علي باي بن برقوق نائب الشام، وكان شابا رئيسا حشما دينا خيرا، وله اشتغال بالعلم، وكان له نظم جيد. ومولده سنة ست وستين وثمانمائة. ومن شعره الرقيق قوله:
عود خيار شنبر … قد جاءنا بالعجب
أزهاره أبدت لنا … شمارخا من ذهب
ومما مدحه به المنصوري قوله:
محيا علي باي بن برقوق مشرق … كطرة وسني ليس بينهما فرق
فإن يك سباقا إلى الفضل والندى … فلا تعجبوا منه فوالده برقو (ق)
ومن النكت اللطيفة، قيل وقع بين الشهاب أحمد ابن الشيخ على المقري وبين سيدي على باي هذا بعض وحشة، فسطا على سيدي علي باي وسماه زلابية مضافا إلى اسم شخص من الأتراك كان مضحكا تعبث به الناس، ويقولون له زلابية فيرجمهم، فلما أشيع ذلك بين الناس أخذ بعض شعراء العصر هذا المعنى وعمل في ذلك مداعبة، وقال:
قد شبهوه بمن يدعى زلابية … وصح تشبيههم والأب برقوق
لكنهم فاتهم في الوز نسبته … فإن اسم أبيه نصفه قوق
*****
وفيه توفي جكم كاشف منف، وشاد بك كاشف قليوب، ومن الخشقدمية جماعة كثيرة منهم: قان بردي الظريف، وكسباي المحمدي، واقباي الطويل، وقانصوه قمر، واينال الأشقر، وغير ذلك جماعة كثيرة من مماليك السلطان والأمراء. ومات من العبيد والجواري والأطفال والغرباء ما لا يحصى عددهم … وفي أواخر الشهر المذكور تناقص أمر الطاعون وخف بالنسبة لما كان عليه بعد ما جرف الناس جرفا وأخلى الدور من