فتنة ابن عثمان التي كان سببا لذلك لم يوفق الله تعالى السلطان أن يرد للناس ما أخذه منهم، كما فعل الأشرف برسباي، لما أخذ من أجناد الحلقة عن إقطاعاتهم، بسبب تجريدة شاه روخ بن تمرلنك لما تحرك عليه في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. فلما بطل أمر التجريدة، وحصل للأشرف برسباي توعك في جسده، رد لأجناد الحلقة ما كان أخذه منهم، وكتب ذلك في صحيفته إلى يوم القيامة. والأشرف قايتباي جمع هذا المال من وجوه المظالم، وحصل للناس بذلك مشقة زائدة، وأخرجه في غير مستحقه لا في وجه فيه منفعة للمسلمين كما قيل:
لست أعطي في حرام … أبدا إلا حراما
*****
وفي شوال قرر عنبر التكروري في نيابة تقدمة المماليك، ثم بقي بعد ذلك مقدم المماليك.
وفيه توفي تنم الضبع الظاهري جقمق أحد الأمراء العشراوات، وكان أخو تاني بك الجمالي أمير سلاح. فلما مات تنم الضبع وقف شخص من الأمراء يقال له: ملاج بن ططخ الظاهري جقمق، يطلب من السلطان إقطاع تنم الضبع، فلم يوافق السلطان على ذلك، فحنق ملاج بن السلطان. فلما نزل ملاج إلى داره شنق نفسه من شدة قهره فمات هو وتنم الضبع في يوم واحد. وقد تقدم القول على وفاة ملاج.
وفيه وقعت الوحشة بين أقبردي الدوادار وبين جان بلاط. وسبب ذلك أن جان بلاط طلب أمرية الأخورية الكبرى وعينت له. فوقف أقبردي وباس الأرض على أن يكون شاد بك الخوخ أمير أخور كبير، فأنعم السلطان على شاد بك بها، فمن حينئذ وقعت الوحشة بينهما. وقد التف على كرتباي الأحمر ويشبك قمر، وكان جان بلاط أعز أصحاب أقبردي.
وفيه خرج الحاج من القاهرة في تجمل زائد، وكان أمير المحمل الشريف تاني بك قرا، وأمير الركب الأول برد بك نائب جدة.
وفيه توفي أركماس الحلبي نائب القلعة، وكان لا بأس به.
وفيه توفي محمد بن نوروز المحمدي الميقاتي، وكان علامة في فن الميقات.
وفيه ظهر الأمير قانصوه خمسمائة، وكان مدة اختفائه تسعة أشهر، فلما طلع إلى القلعة رسم السلطان له بأن يأخذ ثوبا بعلبكيا حتى يرق عليه قلب العسكر. يعني جاء وكفنه تحت إبطه. فلما وقف بين يدي السلطان قبل الأرض وخلع عليه كاملية صوف