وفيه رسم السلطان للخليفة بأن يطلع إلى القلعة ليسكن فيها كما كان ساكنا من قبل.
وكان السلطان قايتباي رسم له بأن ينزل ويسكن بالمدينة عندما حرق حاصل الخيام كما تقدم.
وفيه من الحوادث أن السلطان ضرب امرأة بين يديه بالمقارع، وشهرت على حمارة وفي عنقها زنجير، وهذا لم يعهد قط فلما طاش الملك الناصر وخف، وكل كرتباي الأحمر أربعة من الخاصكية يمنعونه من اللعب مع أولاد العوام، ومن كل تصرف في شيء، وصار تاني بك الجمالي نظام الملك، يبيت عنده كل ليلة بالقلعة ومع ذلك ما ارعوى، وما حصل من هذا طائل، وزاد في الطيشان حتى خرج في ذلك عن الحد. وكان منه ما سنذكره في موضعه.
وفيه دخل الحاج إلى القاهرة، وقد نفي تاني بك قرا من عجرود، فلما دخل المحمل طلبه السلطان عنده بالقلعة ليراه، ولم يكن رآه قط قبل ذلك.
وفيه أنعم السلطان بتقدمة تاني بك قرا على قيت الرحبي.
وفيه أن من جملة طيشان الملك الناصر أنه خرج لصلاة الجمعة، وهو بغير كلوته بل بتخفيفة صغيرة، فشق ذلك على الأمراء، وعابوا عليه هذه الفعلة.
*****
وفي صفر خلع السلطان على قانصوه الشامي، الذي كان نائب حماة، وقرره في الرأس نوبة الكبرى، عوضا عن تاني بك قرا لما بقي أمير مجلس ونفي إلى الإسكندرية.
وفيه قرر في مشيخة تربة الأمير يشبك بن مهدي الدوادار الكبير كان، الشيخ أبو النجا الفوي الواعظ، وكان من أهل الفضل.
وفيه من الحوادث أن الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز، عهد للشيخ جلال الدين الأسيوطي بوظيفة لم يسمع بمثلها قط، وهو أنه جعله على جميع القضاة قاضيا كبيرا يولي منهم من يشاء، ويعزل منهم من يشاء، مطلقا في سائر ممالك الإسلام وهذه الوظيفة لم يلها قط سوى القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز في دولة بني أيوب. فلما بلغ القضاة ذلك شق عليهم، واستخفوا عقل الخليفة في ذلك، وقالوا ليس للخليفة مع وجود السلطان حل ولا ربط ولا ولاية ولا عزل، ولكن الخليفة استخف بالسلطان لكونه صغيرا فلما قامت الدائرة والألسنة على الخليفة رجع عن ذلك. وقال: "إيش كنت أنا؟ الشيخ جلال الدين هو الذي حسن لي ذلك، وقال لي: هذه كانت وظيفة قديمة، وكان الخلفاء يولونها من يختارونه من