وفي ربيع الأخر، يوم الثلاثاء رابعه، كان خروج الأمراء الذين عينوا للتجريدة، فكان لهم يوم مشهود، حتى ارتجت لم القاهرة. وقد تقدمهم كرتباي الأحمر الذي تقرر في نيابة الشام، وجان بلاط بن يشبك الذي تقرر في نيابة حلب، واستمرت الأطلاب تنسحب إلى قريب الظهر، والعسكر خارجون أفواجا أفواجا.
وفيه ظهر تاني بك الجمالي، وكان مختفيا من حين ركب قانصوه خمسمائة وانكسر، فلما ظهر خلع عليه السلطان وأعاده إلى أمرية سلاح عوضا عن كرتباي الأحمر بحكم انتقاله إلى نيابة الشام.
وفيه أعيدت مشيخة المدرسة الأشرفية إلى برهان الدين بن الكركي، وانفصل عنها عبد البر بن الشحنة.
وفيه نزل السلطان وتوجه إلى قبة يشبك التي بالمطرية وبات بها، فلما أصبح شق من القاهرة في موكب حافل، وصحبته قانصوه خاله وبعض أمراء، وجعل قدامه طبلين وزمرين، وعبيدا سودا ترمي بالنفوط قدامه على هيئة الكشاف. وقد تهتكت حرمة السلطان، والمملكة، ولم يقع من أبناء الملوك من السواقط ما وقع للناصر هذا، كما سيأتي الكلام عليه في موضعه.
وفيه حضر الشهابي الششيني من مكة المشرفة وقد أرسل إليه السلطان مرسوما بالحضور ليلي قضاء الحنابلة، فلما حضر خلع عليه السلطان وقرره في قضاء الحنابلة بمصر عوضا عن بدر الدين السعدي.
وفيه نادى والي القاهرة على لسان السلطان بأن أهل الأسواق والحارات يعملون عليهم دروبا، فامتثلوا ذلك وبنيت بالقاهرة عدة دروب، منها على سوق تحت الربع، وسوق أحمد بن طولون، وسوق أمير الجيوش، وغير ذلك من الأسواق والحارات. وكانت المناسر قد كثرت في تلك الأيام جدا، وصاروا يهجمون عى الأسواق والحارات ويعطعطون بها.
وفيه من الحوادث الشنيعة نادى السلطان في القاهرة بأن الأمراء المختفين، الذين هم من عصبة أقبردي، يظهرون وعليهم أمان الله تعالى. وأشيع أن أقبردي قد ظهر وأنه عند السلطان بالقلعة، فعند ذلك ظهر برد بك المعروف بنائب جدة الذي كان من جملة المقدمين، وظهر برد بك المحمدي الأينالي، وأبو يزيد الصغير، وبرسباي السلحدار، وبرقوق المحتسب، وشاد بك، وبيبرس، وقانصوه التاجر، وكرتباي الكاشف، وخاير بك الكاشف، وقانصوه الساقي، ودولات باي بن عيني، وآخرون من الخاصكية. وكان قبل ذلك رسم السلطان بالإفراج عن مصرباي - وكان في السجن بثغر الإسكندرية - فحضر، وحضر أيضا قنبك أبو شامة، وتاني بك المحمدي الأينالي، وجاني باي … وكان