وفيه جدد الأمير طومان باي الدوادار الثاني ما فسد من مدرسة السلطان حسن، من حين كانت واقعة أقبردي الدوادار … فجدد باب المدرسة الذي كان احترق، وسد شبابيك القبة، وأصلح ما فسد منها، وأقيمت الخطبة بها وصلاة التراويح، وكانت معطلة نحوا من عشرة أشهر بسبب ما تقدم.
وفيه قبض على إنسان زعموا أنه ينبش القبور على الموتى، ويسرق أكفانهم، فأمر السلطان بسلخ وجهه وهو حي، فسلخوه من رأسه إلى رقبته، وأرخوه على صدره، وصار عظم رأسه ظاهرا، وطافوا به في القاهرة، ثم علقوه على باب النصر، واستمر معلقا إلى أن مات. ثم نودي للحفارين بحفظ أكفان الموتى.
وفي أواخره تناقص أمر الطاعون، وكانت مدته ثلاثة أشهر، ومات به زيادة على مائتي ألف إنسان، من كبير وصغير، ومن المماليك السلطانية نحو من ألف ومائتي إنسان.
*****
وفي شوال خلع السلطان على قرقماس بن ولي الدين، وقرره في رأس نوبة كبير، عوضا عن جان بلاط الغوري بحكم وفاته.
وفيه قرر بلباي المؤيدي، من جملة المقدمي الألوف بمصر.
وفيه في رابع عشره وصل سودون الدواداري، أحد الأمراء العشراوات، وصحبته عدة رؤوس ممن قتل في المعركة التي وقعت بين أقبردي والعسكر، الذين خرجوا من مصر، كما تقدم. فكان عدة تلك الرؤوس إحدى وثلاثين رأسا. وكان فيها رأس أينال السلحدار، نائب حلب الذي فر مع أقبردي، وفيها رأس ابن علي دولات الذي قتل في المعركة.
وقيل: إن الذين قتلوا اثنان وثلاثون … فكان لدخولهم في القاهرة يوم مشهود، ودخلت الرؤوس وهي مشهورة على رماح، وشقوا بها من القاهرة والمشاعلي ينادي عليها … فلما عرضوا على السلطان، رسم بأن يعلقوا على أبواب المدينة، فعلقت رأس أينال، ورأس ابن علي دولات، على باب زويلة. والباقي على باب النصر وغيره … وكل هذا يشق على الملك الناصر في الباطن. وكانت له عناية بأقبردي وتعصب. وأخبر سودون الدواداري أن كرتباي الأحمر نائب الشام رجع إلى الشام، وأن جان بلاط نائب حلب رجع إلى حلب، وأن العسكر واصل عن قريب.
وفيه جاءت الأخبار أن كرتباي الأحمر لما استقر في نيابة الشام، استولى على نيابة قلعة الشام أيضا، مضافا لما بيده من نيابة الشام، وهذا الأمر عزيز الوقوع جدا.