للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل إن بعض غلمانه سمه في زيق الكوفية، وقيل في قبة العرقية فلما لبسها وعرق سرى السم فيه فورم وجهه ووصل الورم إلى قلبه فمات. وقد تمت حيلة الناصر عليه. وكان كرتباي الأحمر أميرا جليلا، رئيسا، وكان يحجر على الناصر وينهاه عن هذه الأفعال الشنيعة، فكرهه بواسطة ذلك. وكان الناصر يصور أوراقا بقاعة البحرة بهيئة كرتباي الأحمر وهو مسمر على جمل والناس تنشبه. وكان كرتباي يصرخ في وسط مجلسه في الشام، ويقول: "أنا من تحت حكم صبي أو امرأة" يعني الناصر وأمه. ولما استقر كرتباي في نيابة الشام ملك قلعتها وطرد نائبها، ووقع منه أمور شتى في حق السلطان الناصر يطول شرحها.

وفي ذلك اليوم ثار جماعة من المماليك الجلبان على ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال، فضربوه ضربا مبرحا حتى كاد أن يموت.

وفيه عمل السلطان الموكب بالقصر، وخلع على قصروه بن أينال، وقرره في نيابة حلب عوضا عن جان بلاط بن يشبك، وأرسل إلى جان بلاط خلعة ونقله من نيابة حلب إلى نيابة الشام عوضا عن كرتباي الأحمر بحكم وفاته.

وفيه قرر الأمير طومان باي في الوزارة والاستادارية مضافا لما بيده من الدوادارية الكبرى وفيه ثار جماعة من المماليك الناصرية على الأمير طومان باي ورجموه من الطباق، وقصدوا قتله غير ما مرة، وقد أشيع عنه أنه كان سببا لقتل الناصر. فلما بلغ السلطان ذلك رسم بسد جميع الطباق والشبابيك والمناور التي تطل على دهاليز القلعة من طباق المماليك.

وفيه خلع السلطان على طراباي الشريفي، وقرره في الدوادارية الثانية عوضا عن طومان باي المذكور. وقرر تاني بك الجمالي، أحد الأمراء العشراوات، في الخازندارية، وقرر أقباي الطويل في نظر الجوالي، وأنعم على بيبرس الأشقر بامرية عشرة.

وفيه قبض الأمير طومان باي على علي بن رحاب المغني، وضربه بالمقارع وشهره بالقاهرة، وهو عريان مكشوف الرأس على حمار، وكان علي بن رحاب طالما أدخل نفسه فيما لا يعنيه، وتعصب لأقبردي الدوادار، وصار يسب الأمراء سبا قبيحا في المجالس جهارا، ويهجوهم الهجو الفاحش، ويصرح بذلك في السماعات وهو على الدكة. وكان كرتباي الأحمر قبض عليه قبل ذلك وأراد ضربه، ثم وبخه بالكلام وعفا عنه. فلما زاد في هذا الأمر ضربه طومان باي وشهره في القاهرة، والمشاعلي ينادي عليه "هذا جزاء من يكثر كلامه ويدخل نفسه فيما لا يعنيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>