وفي شوال، في يوم عيد الفطر، جاءت الأخبار بأن عربان عزالة ثاروا على الكاشف بالبحيرة. فحاربهم ففروا منه، وعدوا من الوراق، وطلعوا بالقرب من شبرا، وتوجهوا من خلف الجبل الأحمر، وطلعوا من بحر بلامة قبالة طرا، ثم نزلوا بالمعيصرة، وهي صيغة هناك. فلما بلغ السلطان ذلك عين لهم تجريدة، فخرج إليهم في الحال قانصوه البرجي أمير مجلس، وقرقماس بن ولي الدين رأس نوبة النوب، وقيت الرحبي حاجب الحجاب، وسنباي نائب سيس أحد المقدمين.
ومن الأمراء الطبلخانات والعشراوات منهم طراباي الشريفي دوادار ثاني والجم الغفير من العسكر، فلبسوا آلة السلاح وخرجوا يوم عيد الفطر، فتوجهوا إلى نحو المعيصرة فوجدوا هناك عزالة نازلين، فتقاتلوا معهم قتالا عظيما، فانكسر الأتراك وتشتتوا، وقتل من الأتراك من المماليك السلطانية نحو من خمسين مملوكا، ومثل ذلك من الغلمان والعبيد، وجرح الأمير قرقماس رأس نوبة كبير في وجهه، وكذلك قيت الرحبي، وأما طراباي فقيل أنه جاءته حربه في نحره ذبحته من وريده لكنه لم يمت من ذلك، وجرح من العسكر ما لا يحصى … ثم إن العرب نهبوا بركهم عن آخره، وتوجهوا إلى نحو بلاد الصعيد فلما جاءت هذه الأخبار إلى القاهرة اضطربت وماجت، فنادى السلطان للعسكر قاطبة للخروج إلى المعيصرة وهم لابسون آلة السلاح، فلما وصلوا إلى هناك وجدوا العرب قد رحلوا، والذين قتلوا من العسكر مطروحين على الأرض، فأرسلوا يطلبون من القاهرة عدة نعوش بسبب من قتل هناك، فأرسلوا لهم نعوشا في مراكب البحر إلى طرا، فأحضروا فيها من قتل. وصار العيد مثل المأتم، في كل حارة نعى، كأيام الفصول، بسبب من قتل، وموجب ذلك أن الترك استخفوا بالعرب، فأكمنوا لهم أكمنة فخرجت الترك وخرجت العرب من ورائهم، فانكسروا وقتل منهم من قتل، وكانت هذه الحادثة من الحوادث المهولة، وقد قلت في معنى ذلك:
ألا قولوا لأعراب تجروا … على حرب فهل يخشوا عقيبه
سهام مليكنا أضحت نفوذا … ونرجو أن تكون لكم مصيبة
ومن الحوادث في هذا الشهر أن الأمير دولات باي الفلاح، أحد المقدمين، خرج في يوم الأربعاء يسير إلى نحو الرصد، فلعب هناك بالكرة، وساق الفرس في أرض محجرة فقنطرته، فمات لوقته، فحملوه على قفص حمال وأتوا به إلى بيته حتى غسلوه وكفنوه، وأخرجوه يوم الخميس، ونزل السلطان وصلى عليه. ثم إن السلطان بعد أن صلى عليه توجه إلى بيت طراباي الدوادار الثاني وسلم عليه بسبب ما وقع له من عرب عزالة.