للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا رأيت ثنايا الليث كاشرة … فلا تظن بأن الليث يبتسم

ثم ضربت له البشائر بالقلعة، ونودي باسمه في القاهرة، وارتفعت الأصوات له بالدعاء. وكان محببا للناس، ولا سيما العوام، فزينت له القاهرة سبعة أيام متوالية، وخرج الناس في القصف والفرجة عن الحد حتى عد ذلك من النوادر الغريبة، وصار كل أحد في فرح بسلطنته، وانفرجت تلك الفتنة من الناس عن قريب، وكان يظن كل أحد أن أمر الفتنة يطول ويتسع، فآل الأمر إلى خير بخمود الفتنة عن قريب. فكان كما يقال:

ملك نداه المبتدا … للناس والمدح الخبر

أمضى لسان سيفه … حكم القضاء والقدر

فلما تم أمره في السلطنة كان أول شيء صدر منه من الأفعال الشنيعة، أنه قبض على خوند أصل باي أم الناصر، وزوجة الأشرف جان بلاط، وأخت الظاهر قانصوه، فوكل بها عشرة من الخدام، وقرر عليها نحوا من خمسين ألف دينار، وقيل عشرين ألف دينار، فباعت أشياء كثيرة من قماشها وأخذت في أسباب وزن ما قرر عليها من المال. ثم إنه عزل برهان الدين ابن الكركي عن قضاء الحنفية، وقرر بها الشيخ سري الدين عبد البر ابن الشحنة، وهذه أول ولايته لقضاء الحنفية.

وفيه قرر قرقماس المقري في الحسبة، فلما قرر بها قبض على محمد الباسطي الذي كان متكلما في الحسبة في دولة الناصر محمد بن قايتباي، فلما قبض عليه ضربه بالمقارع في يوم شديد البرد، وأشهره في القاهرة على جمل، فما أطاق ذلك ومات عن قريب. وكان من الظلمة الكبار.

وفيه خلع على أسنباي الأصم وقرره في الحجوبية الثانية، وقرر نوروز أخا يشبك الدوادار في رأس النوبة الثانية، وقرر طومان الأشرفي في الأمير اخورية الثانية، وقرر القاضي عبد القادر القصروي في نظر الجيش، وصرف عنها الشهابي أحمد ابن ناظر الخاص.

وفيه رسم السلطان برمّ ما فسد من حيطان مدرسة السلطان حسن في مدة محاصرة القلعة فرمّ ذلك جميعها.

وفيه توفي الشرفي يونس بن محمد أينبك أحد الزردكاشية، وكان لا بأس به.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>