للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولي فيه أيضا مضمنا:

لم ينل قصروه ما أمله … من علو فاته في دهره

رام كيدا لمليك عادل … فرماه كيده في نحره

ولكن كان العادل باغيا على قصروه، ووشت بينهما الأعادي بالكلام حتى وقع بينهما وجرى ما جرى من القتل، وكان قصروه سببا لنصرته بالشام وبمصر، وكان في الحصار بمصر معه بكل ما يمكن كما تقدم، وكان يشيل التراب مع الفعلاء على كتفه عند حفر الخنادق وقت محاصرة القلعة عند حضوره من الشام، وما أبقى ممكنا في نصرة العادل على جان بلاط، وآخر الأمر قتله ظلما، فلم يعش الملك العادل بعده إلا أياما قلائل وقتل.

قال علي كرم الله وجهه: "من سل سيف البغى قتل به".

وفي الأمثال:

البغى داء ما له دواء … ليس لملك بعده بقاء

وكان بين العادل طومان باي وبين قصروه أيمان غليظة، وعهود ومواثيق، وما كان قصروه يظن أن العادل يخون تلك الأيمان والعهود كما قيل:

وحلفت أنك لا تميل مع الهوى … أين اليمين وأين ما عاهدتني

وكان قصروه عفيفا من المنكرات، شجاعا بطلا سخي النفس، غير أنه كان عنده طيش، وخفة وسلامة باطن، ومات وقد قارب الخمسين سنة من العمر، ووكزه الشيب، فلما مات تأسف عليه الكثير من الناس، وزال حب طومان باي من قلوب الناس كأنه لم يكن. ولم يستحسن أحد منهم قتله لقصروه الذي كان سببا لنصرته … فنفرت عنه قلوب الرعية، وكان هذا على غير القياس. كما يقال:

لا تشكرن امرأ حتى تجربه … ولا تذمنه من غير تجريب

فشكرك المرء ما لم تختبره خطا … وذمه بعد شكر محض تكذيب

ويقرب من واقعة قصروه مع العادل طومان باي، ما وقع لطشتمر حمص أخضر وقطلوبغا الفخري مع الملك الناصر محمد بن قلاوون … فإن طشتمر وقطلوبغا الفخري

<<  <  ج: ص:  >  >>