وقد سعى ابن الكركي في عوده إلى القضاء بمال له صورة.
وفيه اختفى شيخنا جلال الدين السيوطي، وقد طلبه ليفتك به، وكان بينهما حظ نفس من حين كان السلطان العادل في الدوادارية الكبرى، وجرى بينهما أمور شتى يطول شرحها. فلما اختفى قرر السلطان الشيخ يس البلبيسي في مشيخة الخانقاه البيبرسية عوضا عن الجلال السيوطي بحكم صرفه عنها.
وقد جاءت الأخبار بالقبض على مغلباي زجاج حاجب دمشق، ونائب قلعتها أيضا، ثم إن السلطان قرر في حجوبية دمشق برد بك تفاح، وقرر تمر بن جانم الظاهر في حجوبية حلب عوضا عن تمراز جوشن، وكانت حيلة عليه، فلما خرج أرسل بالقبض عليه، مضوا به إلى القدس بطالا.
*****
وفي شعبان المبارك كانت تفرقة السلطان لنفقة البيعة.
وفيه حضر قاصد على دولات وعلى يده مكاتبات للسلطان تتضمن أنه أرسل يشفع في الأمير أرقماس نائب البيرة، وكان فر إلى ابن عثمان وعاد، فأقام عنده على دولات حتى شفع فيه عند السلطان.
وفيه عول السلطان بالقبض على الأمير خشكلدي البيسفي، فلما بلغه ذلك فر من داره، واستمر مختفيا حتى جرى للعادل ما جرى.
وفيه طلع جهاز خوند الخاصكية إلى القلعة، فشق من الصليبة وكان يوما مشهودا.
وفي يوم الاثنين رابع الشهر المذكور جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بقتل الأشرف جان بلاط مخنوقا، وهو بالبرج بالإسكندرية، قاتل الله من فعل به ذلك. وكان قد أرسل العادل مرسومة على يد مصرباي الصغير إلى نائب الإسكندرية بخنقه وهو في قيده، قيل لما أرادوا خنقه أحدث في ثيابه وصار شخيره كالثور العظيم. فلما مات غسل وكفن وصلى عليه ودفن بمقابر الإسكندرية. ثم نقل بعد موته كما سيأتي الكلام عليه في موضعه، وكان الأشرف جان بلاط ملكا جليلا وافر العقل، جميل الهيئة، وكان من خواص الأشرف قايتباي، وتولى عدة وظائف سنية، منها تجارة المماليك، وتقدمة ألف والدوادارية الكبرى ونيابة حلب ونيابة الشام، والأتابكية بمصر، ثم تولى السلطنة، وأقام بها ستة أشهر وثمانية عشر يوما، وآل أمره إلى أن مات مخنوقا بالسجن، وقاسى شدائد ومحنا، كما يقال في الأمثال: