للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعصبت له مماليكه وقالوا: "ما ندفن أستاذنا إلا في تربته التي بباب النصر"، فرسم لهم السلطان بذلك، فنقلوه ودفنوه في تربته التي بباب النصر. وهذه ثالث نقلة وقعت له، وكان نقله إلى تربته في ليلة الجمعة سادس عشرين هذا الشهر.

وفيه، في تاسع عشرينه، خلع السلطان علي قيت الرحبي وقرره في الأتابكية عوضا عن قصروه نائب الشام بحكم موته، وكانت الأتابكية شاغرة من يومئذ حتى قرر بها قيت، وكان المتكلم في جهات الأتابكية في هذه المدة الأمير طراباي رأس نوبة النوب.

وفيه قرر شمس الدين أبو المنصور القبطي في نظر البيمارستان المنصوري.

وفي أوائل هذا الشهر توفيت عزيزة بنت السطحي، وكانت من أعيان مغاني مصر، فريدة عصرها في النشيد مع حسن الصوت وفصاحة بأعراب الشعر، فلم يخلفها من بعدها أحد من النساء المغاني، ورأت من الأعيان وأرباب الدولة غاية العز والعظمة ما لا رآه غيرها من أرباب هذا الفن، وماتت وهي في عشر الثمانين، وكان لها بمصر شهرة زائدة.

ومما قاله فيها الشهاب المنصوري:

وفتاة نزهت طرفي فيها … شنفت مسمعي بجوهر فيها

منذ زارت محبها وتغنت … كاد يرمي بنفسه من أبيها

*****

وفي ذي القعدة ثار طائفة من المماليك ولبسوا آلة السلاح، وطلبوا من السلطان نفقة البيعة، فوعدهم حتى يجمع المال، فسكن الأمر قليلا.

وفيه اجتمع القضاة الأربعة والخليفة وقرئ عهد السلطان بحضرتهم وكان موكبا حفلا.

وفيه قبض على قاضي القضاة برهان الدين بن الكركي الحنفي، ثم توجهوا به إلى دار الأتابكي قيت فوكلوا به بالمدرسة الباسطية، وقد تكلم بعض الناس في حقه بأن العادل قد أودع عنده مالا فأقام في الترسيم يوما وليلة، ثم تكلم بعض الأمراء مع السلطان في أمره فرسم بالإفراج عنه فعاد إلى داره، وكان معه في التوكيل بدر الدين السعودي نقيبه المعروف بابن الوقاد، فآل أمره أن طلب منه مال وأخذ منه فيما بعد.

وفي يوم الثلاثاء سابعه خلع على الأمير خشكلدي البيسقي وقرره في امرية مجلس، وكان مختفيا من العادل لما أراد القبض عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>