رخص في ثلاثة أنواع من الكلاب: الأول: كلب الصيد، وهو الذي يعدو ويصيد الصيد الحلال، وذكرنا أنه يعدو إليه ويطرده حتى يدركه، فقد أباح الله ذلك بقوله:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}[المائدة:٤] ، ومعروف أنه يعدو حتى يدرك الأرنب أو اليربوع أو الوبر، ثم يمسكه على صاحبه حتى يأتيه صاحبه ويستلمه ويذكيه إن وجده حياً.
الثاني: كلب الماشية، المواشي هي الغنم، ولا شك أنها بحاجة إلى حراستها من السباع، ومعلوم أن أهلها في الليل قد يغلبهم النوم، وقد تأتي السباع في حالة نومهم فتفترس ما تقدر عليه من أغنامهم؛ فلأجل ذلك أبيح لهم أن يتخذوا الكلاب التي تحرس أغنامهم، وتطرد عنها هذه السباع، فيعلمونهن الحراسة، والكلب فيه خفة في نومه، وكذلك الذئاب كما يقول بعضهم في الذئب: ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الأعادي فهو يقضان نائم فالكلب أيضاً سريع الانتباه، ينتبه بأدنى حركة، فإذا أحس بأن السبع قد وصل إلى الأغنام ونحوها انتبه وطرده، وعادته أنه يخدشه ويخمشه إلى أن يطرده، وقد ينتبه الأهالي، ويجتمعون على طرده، وبكل حال أبيح أن يتخذ لحراسة الغنم وما أشبهها، فإن الغنم ليس لها القدرة على مقاومة السبع، هذا هو الذي حفظه عبد الله بن عمر، حفظ كلب الصيد وكلب الماشية، وأبو هريرة رضي الله عنه كان صاحب حرث، فحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أو كلب حرث) ، ولعله سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لأن الإنسان يهتم بالأشياء التي له فيها مصلحة، فلما كان له حرث اهتم وبحث وسأل حتى حفظ أنه استثنى أيضاً كلب الحرث، فإذا كان عند الإنسان حرث كزرع أو نحوه يحتاج إلى ما يحرسه من الغنم التي تعيث فيه وتفسده؛ فإن له أن يتخذ كلباً، والكلب إذا أحس بأن هناك أبقاراً أو أغناماً جاءت لتأكل من هذا الزرع أو نحوه انتبه وطردها.