[شروط الخطبة وما ينبغي أن تشتمل عليه]
ذكر العلماء خمسة شروط للخطبة، وهي تجتمع في الخطبتين: الشرط الأول: حمد الله والثناء عليه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ خطبه إلا بالحمد، وذلك استفتاحاً لذكر الله تعالى، ولأنه إذا لم يبدأ بذلك الأمر فخطبته بتراء أي: ناقصة البركة.
الشرط الثاني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن الخطب تشتمل على تعليمات، وتشتمل على أدعية، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب القبول، كما ورد في الحديث: (الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يُصَلى على النبي صلى الله عليه وسلم) .
الشرط الثالث: الوصية بتقوى الله، يعني: أن يكون هناك تذكير وموعظة وتنبيه للناس وتخويف لهم وما أشبه ذلك، ولو لم تأتِ كلمة التقوى ما دام أن هناك ما يقوم مقامها.
الشرط الرابع: الشهادة، فقد ورد في حديث: (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء) ، فيأتي بالشهادتين.
والحكمة في ذلك: أن فيهما تجديد العقيدة، والتذكير بالتوحيد، وبحقوق (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ، وتنبيه الناس إلى علامات وضمانات تتضمنها هذه الشهادة.
الشرط الخامس: أن يقرأ آية من القرآن سواءً في أول الخطبة أو في آخرها أو في وسطها، وذلك لأنه مشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ آيات، ويذكر بمعانيها ويدعو إلى ما تتضمنه.
ثم لا بد أن تكون الخطبتان مشتملتين أيضاً على تعليمات للأشياء المهمة، من الأحكام التي يجهلها معظم الناس، من الأوامر والنواهي، ونحوها.
ولا بد أن تشتمل الخطبة على تعليمات للأشياء المهمة، فبذلك يستفيد الحاضرون من هذه الخطبة.
كذلك أيضاً: لما كانت الجمعة بها ساعة الإجابة نُدب أن يدعو فيها، وقد ورد ما يدل على أن ساعة الإجابة هي: وقت أداء الصلاة، ووقت الخطبتين، وما أشبه ذلك، فقد روي أنه أقرب إلى أن يكون ساعة الإجابة، فلما كان كذلك استُحب للخطيب أن يكثر من الأدعية، وأن يدعو بما يستطيعه، أو بما يتيسر من الأدعية التي هي صلاح عام للإسلام والمسلمين، رجاء أن يصادف ساعة الإجابة، والحاضرون يؤمِّنون على دعائه.
ويُستحب إذا دعا أن يرفع يديه، فإن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، كما في حديث سلمان (إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً) يعني: خاليتين.
وإذا رفع الإمام يديه للدعاء فعلى المأموم أن يرفع يديه للتأمين، فالمأمومون يؤمِّنون على الدعاء؛ رجاء أن تُقبل دعوتهم جميعاً، والله قد وعد بإجابة الدعاء ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم؛ لقوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠] .
الشرط السادس: أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب الجمعة خطبتين، وكذلك كان في العيد يخطب خطبتين، وكان يجلس بين الخطبتين، وذلك أيضاً دليل على أنه يطيل الخطبة، فإنه ما جلس إلا وقد خطب خطبة طويلة احتاج إلى أن يجلس ليستريح قليلاً ثم يستقبل الخطبة الثانية.
وتشتمل الخطبة الثانية أيضاً: على حمد وثناء ووصية بالتقوى، وعلى شهادة وترغيب وترهيب، وعلى قراءة آية وما أشبه ذلك، فهي أيضاً اسمها خطبة، فيخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس.