وبكل حال إذا كان الإنسان له أموال كثيرة فإن الثلث لا يضر الورثة، أما إذا كان ورثته محتاجين فالأولى له ألا يوصي، وأن يترك ماله لورثته ليستغنوا به عن التكفف، سيما إذا كانوا ذوي حاجة، وأما إذا لم يكن له ورثة من أولاد وأقارب فإن له أن يتصدق بماله كله في حياته وبعد موته.
وإذا أوصى إلى شخص فإن ذلك الشخص -الذي هو الوكيل- عليه أن يتقي الله وأن يراقبه في ذلك؛ ولهذا قال تعالى:{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة:١٨١-١٨٢] يعني: قد يحيف بعض الموصين على ورثته، ويحاول أن يضرهم، فمثل هذا لا يجوز، فإذا وفقك الله أو كنت حاضراً عنده فأصلح بينهم وأرشده إلى ألا يجور في الوصية، ولا يخرج عن الحد المعتاد؛ حتى يقبل الله منه وصيته، وحتى يرضى عنه ورثته.