توعد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، بأن (من ظلم شبراً) ، أي: من اقتطع شبراً (من الأرض) يعني: أخذه من غير حقه، (طوقه من سبع أرضين) ، أي: جعل يوم القيامة طوقاً في عنقه، وفي بعض الروايات:(خسف به إلى سبع أرضين) ، فكونه طوقاً بمعنى أنه يحمله من سبع أرضين! فماذا يحمل الإنسان؟ وماذا يستطيع أن يحمل في رقبته؟ فلا شك أن هذا دليل على عظم شأن هذا الظلم.
في حديث متفق عليه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، أن امرأة من جيرانه يقال لها: أروى، ادعت عليه عند بعض الخلفاء وقالت: إنه أخذ أرضي، أو اقتطع بعض أرضي، فترافعوا إلى الأمير؛ فقال سعيد: كيف آخذ أرضها وقد سمعت ما سمعت! فقالوا: ما سمعت؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتطع شبراً من الأرض بغير حق، طوقه من سبع أرضين) فقال ذلك الأمير: لا نطلب منك بينةً بعد ذلك! ولكنه ترك ذلك ودعا عليها فأصابتها دعوته.
وقد ورد أيضاً اللعن لمن اقتطع شيئاً من الأرض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لعن الله من غير منار الأرض) ، ومنار الأرض هو حدودها ورسومها، وذلك أن الذي يملك الأرض يجعل لها حدوداً وتسمى رسوماً، وهي نصب ينصبونها تميز أرض هذا عن هذا، وتبين الحد الفاصل بين الأرضين، فهذه تسمى مناراً، فالذي يأتي مثلاً ويقلع هذا النصب، ثم يقدمه في أرض جاره، ليأخذ قطعة من هذه الأرض، ويقلص من أرض جاره، فلا شك أن هذا داخل في هذا الوعيد الذي هو اللعن:(لعن الله من غير منار الأرض) ، وهذا وعيد شديد.
وإذا كان هذا في ظلم الأرض، فلا شك أن بقية أنواع الظلم داخل في ذلك، فظلم الأرض هو اقتطاع شيء من حق الغير ولو شيئاً يسيراً، هذا إذا كانت مملوكةً لأحد، أما إذا كانت حرةً غير مملوكة، فإن الأرض لمن سبق إليها، لقوله:(من سبق إلى مال فهو أحق به، أو: فهو له) .