المسألة الثانية، هي القسم: فلما وصل إليهم قسم الإبل والغنم التي غنموها، فجعل البعير عن عشر من الغنم، أي: جعل قيمة البعير الواحد من الإبل ذكراً أو أنثى يساوي عشراً من الغنم، ولعل ذلك كان في وقت كثرت فيه الغنم ورخصت، وتنافس الناس في اقتناء الإبل، وفي محبتها، وفي رفع قيمتها، ولما قسم أعطى كلاً قسمه، فحصر الصحابة الغانمين، وجعل للعشرة بعيراً بينهم، أو جعل لهم عشراً من الغنم يقتسمونها، أو نحو ذلك، والحاصل أنه قسمها، وهذا يدل على أن أمير السرية أو الجيش يقسم الغنيمة بينهم، وينظر قيمة الغنم في قيمة الإبل، فيسوي بينهم في القسم، فإن كانت الغنم رفيعة القيمة كما في هذه الأزمنة، والإبل رخيصة القيمة، فإنه يسوي بينهما فيجعل مثلاً السبع عن بعير، أو الخمس عن بعير، أو نحو ذلك بحسب اختلاف قيمة الغنم من سمن وهزال، وصغر وكبر، وكذلك قيمة الإبل، وفيه دليل على أنه لابد أن تقسم الغنيمة بالسوية بين الغانمين، فيعطى كل ما يستحقه.