إذا حصل الكسوف شرعت هذه الصلاة التي تسمى صلاة الكسوف، وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم بصفة في أغلب الصحيحين أنه صلاها ركعتين، كرر الركوع في كل واحدة مرتين كما هو معروف، فقرأ ثم ركع، ثم رفع فقرأ قراءة طويلة دون الأولى، ثم ركع ركوعاً ثانياً، ثم رفع رفعاً عادياً، ثم سجد سجدتين سجوداً عادياً إلا أنه يطوله، ثم قام للركعة الثانية، ثم ركع، ثم رفع فقرأ قراءة طويلة دون الثانية، ثم ركع، ثم رفع فقرأ قراءة طويلة دون الثالثة، ثم ركع، ثم رفع رفعاً عادياً، ثم سجد سجدتين.
فهذه صفة من صفاتها، وهي أشهرها.
وهناك روايات في صحيح مسلم وفي السنن أنه ركع في كل ركعة ثلاثاً، أي أنه قرأ ثم ركع، ثم رفع فقرأ ثم ركع، ثم رفع فقرأ ثم ركع، ثم سجد، ثم قام للركعة الثانية فقرأ ثم ركع، ثم قرأ وركع، ثم قرأ وركع، ثم رفع وسجد، فيكون قد كرر الركوع ثلاث مرات، وهذا -أيضاً- ثابت في الصحيح.
وفي رواية أخرى أنه كرر الركوع أربعاً، فقرأ وركع، ثم قرأ وركع، ثم رفع وقرأ وركع، ثم رفع وقرأ وركع، أربع مرات في كل ركعة، وكل ذلك ثابت.
وحمل ذلك على أنها تعددت الوقعات، أي أن الكسوف وقع متعدداً ولو لم ينقل، ولو أنكر ذلك بعض العلماء الأجلاء كشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فإن الروايات الصحيحة الثابتة التي رويت من طرق واضحة لا يمكن أن ترد بتلك الاحتمالات، فالصحيح أننا نقول: إنه تعدد الكسوف، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة عشر سنين، وخلال هذه العشر لابد أن يقع كسوف للشمس وكسوف للقمر في كل سنة كما هو واقع، أو في كل سنة مرتين، أو في كل سنتين مرة، وفي كل مرة لابد أن يصلي، فتلك الصلاة تارة يطيل فيها ويكرر الركعات ونحوها، وتارة لا يفعل ذلك، بحسب ما يقتضيه الحال.