المسألة الثالثة: أنهم لما قسموا ند بعير، يعني: هرب وشرد، فتبعوه، ولحقوه بالخيل، وعجزوا عن أن يدركوه، فرماه بعضهم بسهم فحبسه، يعني: بغته ذلك السهم فسقط، فجاءوا إليه فنحروه، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، وأخبر أن لهذه الدواب أوابد كأوابد الوحش، فما ند منها فإنه يفعل به هكذا، والأوابد هي الأشياء الغريبة أو التي تسبب الابتعاد عن الناس والتغرب عنهم، والتوحش منهم، يعني: أن هذه الدواب التي ملكها الله للإنسان وسخرها لهم كما قال تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ}[يس:٧٢] بعض منها قد يكون شروداً يهرب من الناس وينفر منهم، فلا يدرك إلا بقوة، فهم سعوا في طلبه فعجزوا عنه حتى بالخيل، ولم يجدوا بداً إلا أن يرموه، يقول: ما ند منها وهرب فلكم أن تفعلوا به هكذا، بمعنى أن ترموه إلى أن يحتبس، هكذا ورد في هذا الحديث، وإذا رمى بعيراً أو شيئاً مما شرد، ومات بسبب ذلك السهم، فإنه يعتبر كالصيد المتوحش، وقد تقدم أن الصيد إذا مات بسبب الرمية فإنه مباح أكله.