أما أحكام الاعتكاف فقد عرفنا أن أقله يوم أو ليلة، فلا يصح أن يسمى من جلس في المسجد ساعة أو ساعتين معتكفاً، فالاعتكاف لابد أن يكون زمناً طويلاً، فأقله اثنا عشرة ساعة أو نحوها، يوم كامل أو ليلة كاملة، واليوم المتوسط اثنا عشرة ساعة.
وكذلك -أيضاً- يجب الاعتكاف بالنذر، فإذا نذر أصبح واجباً عليه، كما فعل ذلك عمر.
وكذلك -أيضاً- إذا عين مسجداً خاصاً بالنذر لم يتعين إلا أن يكون من المساجد الثلاثة، فإذا نذر -مثلاً- أن يعتكف في مسجد أسبوعاً لم يلزمه ذلك المسجد، بل يجوز أن يعتكف في غيره من المساجد والجوامع التي هي مثل ذلك المسجد؛ لأنه لا مزية لذلك المسجد على غيره، إلا المسجد الحرام فإنه يلزمه أن يفي به، فإذا نذر أن يعتكف في المسجد الحرام وجب عليه الاعتكاف فيه، ولم يجز له أن يعتكف في غيره من المساجد؛ لأنه أفضل المساجد، والصلاة فيه أكثر من غيره مضاعفة.
وكذلك المسجد النبوي إذا نذر أن يعتكف فيه لم يجزه غيره من المساجد إلا المسجد الحرام؛ فإنه أفضل، وكذلك المسجد الأقصى إذا نذر الاعتكاف فيه لم يجز أن يعتكف في غيره إلا مسجدي مكة والمدينة؛ فإنهما أفضل منه، أما بقية المساجد فمن عين مسجداً لم يتعين.
فـ عمر رضي الله عنه عين المسجد الحرام، فقال:(إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام.
فقال صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك) ، ولم يقل له: اعتكف في مسجد المدينة ولا في غيره من المساجد، بل ألزمه بأن يفي بنذره، فيعتكف في المسجد الحرام ولا يقوم غيره مقامه.