أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل قيامها في قوله:(من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ، والإيمان معناه التصديق بأن العمل قربة إلى الله، والاحتساب هو طلب الثواب أو رجاء الأجر، والجزاء هو غفران ما تقدم من ذنبه، والقيام هو أن يصلي أكثر تلك الليلة، نصفها أو ثلثيها أو نحو ذلك، يقال: قام ليلة القدر.
أي: قامها كلها، أو قام أكثرها، أو قام نصفها، أو نحو ذلك، فإذا فعل ذلك فإنه يعتبر قد حصل على الأجر الذي رتب على هذه الليلة، وبذلك تعرف ميزتها وفضلها.
كذلك قد وردت الأدلة الكثيرة على فضلها، وقد أخفى الله تعيينها، والحكمة في ذلك أن يجتهد العباد في ليالي الشهر، فلو أخبروا بعينها وأنها الليلة السابعة أو السادسة أو الخامسة لم يجتهدوا في بقية الليالي، بل ينامون ليالي الشهر كله، فإذا جاءت تلك الليلة قاموها وحصلوا على الأجر، والله تعالى يحب من عباده أن يكثروا العمل، ويحب من عباده أن يشتغلوا بالعبادة في الأوقات كلها في عدة ليال في شهر أو في أشهر أو في عشر ليال أو ما أشبه ذلك، فليست العبادة في ليلة واحدة كالعبادة في خمس ليال أو في عشر ليال، ولو كان الذي يوافق تلك الليلة يحصل على هذا الأجر الذي هو ألف شهر، ولكن مع كثرة العمل حتى يرجو موافقتها يحصل له مضاعفة الأجر والثواب، وبهذا تعرف الحكمة في إخفائها حتى يجتهد العباد في ليالي الشهر.
فعلى العباد أن يجتهدوا رجاء أن يوفقوا لموافقة تلك الليلة.