في هذا الحديث يقول:(قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) ، ومعنى كونهم يسلمون في الثمار أن يأتي الرجل إلى صاحب النخل فيقول: أشتري منك -مثلاً- مائة صاع من ثمر النخل لمدة سنة أو لمدة ثلاث سنين أعطيك ثمنها الآن، وإذا حلت تعطيني الثمرة التي اشتريتها منك في ذمتك، ويكون البيع رخيصاً؛ وذلك لأنه قدم الثمن وانتفع به، والحاجة داعية إليه.
فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا بد من تحديد المثمن الذي هو المبيع، إما بوزن إذا كان يوزن، وإما بكيل إذا كان يكال، ولا بد أيضاً من تحديد الزمن الذي يحل فيه، فيقول مثلاً - إذا كان مما يكال كالحبوب والبر والشعير والذرة ونحو ذلك -: اشتريت منك في ذمتك مائة صاع من الذرة التي لونها كذا وكذا، أو من البر، أو من الشعير، أو من الأرز تعطينيها بعد خمسة أشهر أو بعد سنة أو بعد سنتين، وكل صاع قيمته ريال أو درهم.
فيحتاج البائع إلى الدراهم لينتفع بها، فيبيع التمر أو البر رخيصاً حتى تحصل له هذه الدراهم ليشتري بها حاجاته الضرورية، فإذا حل الأجل وصرم النخل مثلاً أو حصد الزرع فعند ذلك يدفع ما حصل عليه الاتفاق، فيحصل لكل منهما منفعة.