أما ما يتعلق بمباشرة الحائض القراءة في حجر الحائض، فإنه يباح للرجل أن يباشر امرأته وهي حائض فيما فوق الإزار، كأن يأمرها بأن تجعل إزاراً يستر ما بين السرة والركبة ثم يباشرها، يعني: يضطجع فوقها، أو يلاصقها ببشرته من فوق الإزار، حتى لا يقرب من المكان الذي منع منه وهو الفرج، والله تعالى يقول:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة:٢٢٢] المراد: اعتزلوا محل المحيض الذي ذكر الله أنه أذى، أي: نجس وقذر، وهو مخرج الحيض.
وقد ذكر أن اليهود كانوا إذا حاضت فيهم المرأة اجتنبوها فلم يؤاكلوها ولم يجالسوها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(افعلوا كل شيء إلا النكاح) يعني: افعلوا المباشرة والمؤاكلة والمجالسة والمؤانسة والمحادثة ونحو ذلك.
وقد ثبت:(أنه عليه الصلاة والسلام أمر عائشة أن تناوله الخمرة -يعني: السجادة- من المسجد، فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك) يعني: أن بدنك طاهر فلا نجاسة في سائر البدن، فأباح لها أن تدخل المسجد وتأتي بتلك الخمرة ليصلي عليها.
فإذا كان بدنها طاهراً فلا بأس أن يضطجع الرجل إلى جانب زوجته وهي حائض، وأن تمس بشرته بشرتها، وله إذا باشرها أن يضمها ولو أنزل، إلا أنه لا يقرب من الفرج الذي هو محل الأذى، فإن المنع منه في الحديث:(افعلوا كل شيء إلا النكاح) .
فثبتت هذه الأحاديث في أنه عليه الصلاة والسلام كان يباشر نساءه وهن حيض، ولا يمنعه الحيض من مباشرتهن بما فوق الإزار، وأباح ذلك لأمته، ولا ينافي ذلك قول الله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ}[البقرة:٢٢٢] فإن المراد: لا تقربوا المكان المستقذر الذي هو محل خروج الأذى.