كذلك لا يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان، فإذا خرج -مثلاً- لقضاء حاجة الإنسان كبول أو طهارة أو نحو ذلك فحينما يفرغ يرجع، ولا يطيل البقاء.
وكذلك -أيضاً- لا يعود مريضاً، ولا يتبع جنازة، وذلك لأن هذه الأمور من الأمور العادية، وهو في عباده، ولأنها تشغله عما هو مشغول به، وهو مأمور بأن يجمع قلبه وبأن يتفرغ، وبأن يشتغل بالقربات، وبأن يترك اللهو ونحوه.
وهذه الأمور تعرضه إلى أن يخرج ويطيل الخروج ويكثر الخروج، فإن المرضى قد يكثرون، وكذلك الموتى، فلا يتبع جنازة ولا يعود مريضاً، هذا على الصحيح.
وقد ذكرت عائشة أنها تدخل البيت إذا كانت معتكفة وفيه المريض فلا تسأل عنه إلا وهي مارة، فما تجلس عنده وتسأله وتقول: كيف أنت.
وكيف حالك.
إنما تسأل فتقول: كيف فلان، وهي مارة ولا تقف ولا تجلس إلا لحاجة.
وهكذا ذكروا عن المعتكف أنه لا يخرج إلا لضرورة، فإذا لم يجد من يأتيه بطعامه وشرابه جاز له أن يذهب ليأتي به، وإذا لم يكن هناك في المسجد مكان لتناول الأكل كالمسجد الحرام جاز أن يخرج لأجل الأكل الضروري في وقته، ثم يرجع حينما ينتهي أو نحو ذلك.
وكذلك -أيضاً- لا يجوز له أن يجعل معتكفه مقراً للاجتماعات، فيجتمع عليه الناس ويشتغلون بالقيل والقال وبالضحك والقهقهة ونحو ذلك، بل ينفرد عنهم ويبتعد عنهم.