الرجم هو: أن يوقف الزاني أو يجلس ثم يرجم بحجارة متوسطة تملأ اليد، يضرب بها جسده ورأسه ووجهه وصدره وظهره إلى أن يموت بهذا الرجم، هذا يرجمه من هنا، وهذا يرجمه من هنا إلى أن يموت، وهذا الرجم شرع لأجل أن يتألم جميع بدنه الذي تلذذ بالحرام، فعوقب بأن يتألم هذا الألم؛ وذلك لأنه آثر شهوة عاجلة على ثواب أخروي، فلو أنه قهر نفسه وقمع شهوته، وصبر عليها، وصابر نفسه، وتذكر مآل هذه الشهوة، وأنها تمتع في وقت قصير، وتلذذ في زمن يسير، ثم يكون بعدها عقوبة عاجلة أو عقوبة آجلة، لما أقدم عليها؛ ففيها فضحية نفسه؛ لأنه إذا اتضح ذلك منه فسُيفضح بين الناس، وفيها هذه العقوبة التي هي تأليم جسده حتى يموت، وفيها أيضا ًعقوبة أخروية إذا لم يتب، وهي عقوبة فيها بشاعة وشناعة، وفيها أيضاً شهرة سيئة، وانتشار سمعة سوء، وفضيحة له، وعار عليه، مع أن سبب ذلك تمتع بشهوة يسيرة، ولو تفكر في قول الشاعر: تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار تبقى عواقب سوء لا مصير لها لا خير في لذة من بعدها النار لو تفكر في أن هذه اللذة لذة ساعة تفنى ويبقى عارها، ويبقى شنارها، ويبقى إثمها، لو تفكر في أنه يفسد فراش مسلم، ويخبب عليه زوجته، ويدخل عليه ولداً ليس له، لو تفكر أنه يسبب اختلاط أنساب، وأنه يفسد أخلاقاً، ويفرق بين زوجين قد يكون بينهما مودة ورحمة؛ لأنه إذا علم الزوج أن امرأته قد خانته سبب ذلك فراقه لها؛ لما أقدم على ذلك، ولكن هذه المفاسد كلها يغيبها عنه الشيطان في تلك اللحظة التي تغلبه فيها هذه الشهوة البهيمية.
وبكل حال هذه عقوبة الزاني إذا كان محصناً، فإنه يُرجم كما سمعنا؛ وذلك لأن الله تعالى قد منَّ عليه بالنكاح الحلال، وقد وفقه لأن تزوج زواجا ًحلالاً فعدل عن الحلال إلى الحرام أو أنه ترك ما أحل الله وهو يقدر عليه وآثر الحرام، فكان جزاؤه هذه العقوبة الشنيعة.