السلم من الارتفاقات التي يرتفق بها وينتفع بها؛ وذلك لأن صاحب النخل أو صاحب المزرعة قد يكون بحاجة إلى دراهم ليشتري بها حاجاته ككسوة أولاده مثلاً أو غذائهم، ولا يجد لهم غذاءً مثلاً، ولا يجد لهم كسوة، والثمر متأخر -ثمر النخل- يحتاج إلى ثمانية أشهر أو إلى عشرة أشهر أو إلى سنة، ولا يجد أحداً يقرضه ولا يهبه، فيضطر إلى أن يبيع من الثمر قبل أن يحمر، ويأتيه إنسان عنده دراهم ليس بحاجة لها، فيقول: أنا أشتري منك مائة صاع من التمر، أو ألفاً، أو مائة صاع من البر أو نحوه، كل صاع بريال بدل أن يكون الصاع -لو كان موجوداً- بخمسة أو بثلاثة أو نحو ذلك، ولكن لحاجتك أنت إلى الدراهم وأنت صاحب الزرع بعته رخيصاً، كل صاع بريال أو بريالين؛ حتى تنتفع بالدراهم الآن، وحتى تقضي بها حاجتك.
فإذا حصد الزرع جاء هو وأخذ مائة صاع قد حصل عليها رخيصة فباعها وربح فيها، فأنت - يا صاحب الزرع أو الثمر - انتفعت بحصول الدراهم لك وقضاء حوائجك ونفقة أولادك وبذرك وسقيك ونحو ذلك، وصاحب الدراهم انتفع حيث ربح فحصلت له هذه السلعة رخيصة، فربح فيها أكثر مما يربح غيره.
فهذا وجه كون السلم نافعاً للاثنين، نافعاً للبائع الذي باع رخيصاً وانتفع بالثمن مقدماً، ونافعاً للمشتري الذي اشترى رخيصاً وربح في بيعه.