[شرح حديث أم عطية:(أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدود)]
الحديث الثاني: حديث أم عطية، أخذوا منه وجوب صلاة العيد على كل فرد؛ ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم أن يخرجوا النساء، حتى يخرجوا المخدرات، فتخرج الأبكار من خدورهن، وتخرج العواتق وذوات الخدور، حتى تخرج الحيض اللاتي لا صلاة عليهن؛ يخرجن ليذكرن الله إذا ذكره المسلمون، وكذلك -أيضاً- يستمعن ويستفدن من هذا الاجتماع، وهكذا تنزل عليهن الرحمة معهم.
ولكن أمر الحيض بأن يعتزلن المصلى، وأن يكن منفردات في مكان ليس ببعيد، ولكنهن ينفردن في مكان خاص لا يختلطن بالمصلين، وأما بقيتهن فيقمن في صفوف الصلاة التي يصلين فيها.
ومن هذا الحديث أخذ بعضهم أن صلاة العيد فرض عين، وقال: ما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تخرج النساء حتى الأبكار، وحتى المخدرات اللاتي يحتجبن في خدورهن، وحتى الحيض اللاتي لا صلاة عليهن، أمر بأن يخرج لها كل أحد، حتى النساء فكيف بالرجال الذين هم مكلفون وليس لهم عذر ولا مانع؟! فيلزم -إذاً- أن يخرج كل أفرادهم شيوخاً وشباباً وكهولاً، أي: كل من كان عنده قدرة واستطاعة أن يصل إلى المسجد الذي أعد للصلاة، فاستدلوا بهذا على أنها فرض على كل إنسان بعينه.
وذهب آخرون إلى أنها فرض كفاية، وقالوا: إن الفريضة حصرت في خمس صلوات؛ لأن ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن فريضة الله قال له:(خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تتطوع) فأفاد بأنه لا يُطلب منه إلا خمس صلوات فقط، ولم يطلب منه غير ذلك إلا تطوعاً.
ولكن لعل المراد الصلوات اليومية التي يؤديها كل يوم، ولا يدخل في ذلك الصلوات الأسبوعية، أو الصلوات السنوية كهذه الصلاة، وعلى كل حال إذا قلنا: إنها ليست فرض كفاية فإنها مؤكدة، وعلى الإنسان ألا يتركها وهو قادر ليس له عذر.