للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم طواف الوداع للمعتمر]

أما بالنسبة للعمرة فهل لها طواف وداع؟ قد اختلف العلماء في ذلك، فعند كثير منهم كالمالكية ونحوهم أنه يودع للعمرة كما يودع للحج، وذلك لأنها أحد النسكين، ولأن المعتمر جاء وافداً من بلاد بعيدة، جاء وافداً إلى مكة ثم رجع، فأول ما يقدم يبدأ بطواف العمرة ويكفيه عن طواف القدوم، ثم يقيم يوماً أو أياماً أو نحو ذلك، فيكون -والحال هذه- كالذي يذهب ويترك مكة، فيكون عليه وداع كما على الحاج وداع، فالحاج بدأ بالطواف وختم به، فكذلك المعتمر بدأ بالطواف فيختم به، فهذا هو الأحوط، أنه يودع للعمرة كما يودع للحج، وهذا إذا أقام في مكة أكثر من يوم، أما إذا قدم مكة في الضحى -مثلاً- وطاف في ضحاه ثم خرج في ذلك اليوم كفاه طوافه للعمرة عن طوافه للوداع، وذلك لأنه لم يقم إقامة طويلة.

وهناك قول آخر أن العمرة لا يلزم لها وداع، وهذا الذي ذكر في كتب الفقهاء -فقهاء الحنابلة ونحوهم- أن العمرة لا يلزم لها طواف وداع، ولم يذكروه في شروطها، وقالوا: إنه صلى الله عليه وسلم ما أمر بطواف الوداع إلا في الحج، ولم يأمر به في العمرة، فقد اعتمروا عمرة القضية ولم يأمرهم بهذا الطواف.

ولكن على كل حال حتى ولو كان هذا القول معمولاً به نقول: الأحوط للمسلم أن لا يخرج وهو يقدر إلا بعدما يطوف، فإن شق عليه أو زُحم أو انشغل وخرج بدون وداع لم نلزمه بأن يفدي كما يفدي لطواف الوداع في الحج.

ثم طواف الوداع لمن يريد أن يخرج، أما من لا يريد الخروج -كأهل مكة- فلا وداع عليهم، وذلك لأنهم لم يخرجوا، وكذلك لو خرج إنسان إلى جدة ثم رجع ووادع فلا حرج عليه، فلا يلزمه أن يوادع إذا أراد أن يخرج إلى جدة أو الطائف، ثم يرجع من يومه، وذلك لقصر المدة يوماً أو نصف يوم أو ما أشبه ذلك.