وقد ذكروا أشياء مما يشتت على الإنسان فكره، فمنها ما تقدم من أنه صلى الله عليه وسلم قال:(لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) ، إذاً: لا يصلي وهو يشتهي الطعام، كالصائم شديد الحاجة إلى الطعام؛ لأنه إذا صلى قبل أن يتناول شهوته من الطعام لم يقبل على صلاته، وكذلك إذا خشي أن يؤكل الطعام قبل رجوعه، فيبقى قلبه متعلقاً بذلك الأكل حال صلاته، فأمر بأن يقدم الأكل على الصلاة.
كذلك صلاته وهو يدافعه الأخبثان: البول والغائط؛ وذلك لأنه إذا صلى لم يقبل على صلاته، بل يصلي وهو في حالة ملل وضجر وفي حالة شدة، ويتشوش عليه فكره وذهنه؛ فلأجل ذلك أمر بأن يتخلى وبأن يزيل عنه هذا الخبث؛ حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ ليس فيه ما يكدره، فكذلك لا يصلي في حر شديد ولا يصلي في برد شديد وهو يجد ما يخفف ذلك الحر وذلك البرد، كل ذلك لأجل تحصيل الخشوع في الصلاة والإقبال عليها.
وإذا اضطر إلى ذلك وخاف فوت الوقت، فإنه يصلي ويتقي الحر بما يستطيع من طرف عمامته الذي يسجد عليها أو طرف كمه أو طرف ثوبه أو نحو ذلك.