[المواضع التي يسجد فيها للسهو قبل السلام عند أحمد]
أما حديث ابن بحينة ففيه أيضاً حالة أخرى وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه لما صلى بهم ركعتين وانتظروا أن يجلس قام، ولم يجلس في التشهد الأول، فقالوا: سبحان الله! فلم يرجع، ثم إنه لما انتهى من صلاته وانتظروا تسليمه سجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم، فهذا سهو بترك التشهد الأول.
وقد استدلوا بهذا الحديث على أن التشهد الأول من الواجبات وليس من الأركان، فإن الأركان لا تسقط، بل لا بد من الإتيان بها، فلما أسقطه وجبره بسجود السهو دل على أنه من واجبات الصلاة، وواجبات الصلاة هي التي تجبر بسجود السهو، فمن ترك التشهد الأول سجد له، كما أن من ترك قول:(سبحان ربي الأعلى) ، أو قول:(سبحان ربي العظيم) أو قول: (سمع الله لمن حمده) فإنه يسجد لها؛ لأن هذه من الواجبات.
كذلك بقية واجبات الصلاة الثمانية المعروفة إذا تركت فإنه يسجد لها ثم في هذا الحديث أن سجود السهو كان قبل السلام، لأنه تشهد ولم يبق عليه إلا أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، فلما سجدهما سلم بعدهما، فدل على أن ترك هذه الواجبات يسجد له قبل السلام، وكذلك بقية أنواع السهو كما إذا زاد ركناً أو زاد ركعة ساهياً، أو زاد صفة من صفات الصلاة، أو شك في شيء من الواجبات، أو ترك واجباً أو نحو ذلك، فالسجود له كله يكون قبل السلام؛ لأن السجود في الأصل جزء من الصلاة، والأصل أن جزء الصلاة يتصل بها فلا يفصل بينه وبينها شيء.