ثم ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف كان يدني رأسه إليها وهي في حجرتها، فترجِّل رأسه وتغسله وهي حائض) ؛ وذلك لأن بدن الحائض طاهر، وفي هذا دليل على أنه يجوز للمعتكف أن يخرج بعض بدنه من المسجد لحاجة، فإنه عليه الصلاة والسلام كان له شعر ولم يكن يحلق رأسه، أي: لم يكن الحلق متوافراً عندهم، فكان يوفر شعره ويحتاج إلى تسريحه وإلى غسله وإلى ترجيله، فإذا اعتكف احتاج إلى ذلك، فيدنو برأسه إلى النافذة ويدخل رأسه وترجله، أي: تغسله وتمشطه وهي مع ذلك حائض، ولا يمنعه ذلك من أن تمسه أو يمسها.
وفيه دليل على أن المعتكف إنما منع من المباشرة التي هي الوطء كما في قوله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧] ، فأما مجرد لمسها لبشرته لحاجة من غير شهوة، فلا ينافي ذلك الاعتكاف.