كذلك أيضاً معلوم أنه قد يحتاج إلى تشجيع بعض أولاده على أمرٍ يستحق عليه التشجيع، فإذا كان أحد أولاده عاكفاً على العلم وعلى الفهم، وعلى التفقه في الدين، والآخرون قد أعرضوا عن ذلك، وعكفوا على اللهو واللعب، وعكفوا على الباطل، وأضاعوا حياتهم وأعمالهم؛ فلا شك أن هذا الذي عكف على العلم الصحيح يستحق أن يشجع وأن يرفع من معنويته، وأن يعطى ما يشجعه وما يكون سبباً لالتفات الآخرين إلى مثله، فإذا قالوا: لماذا لم تعطنا؟ يقول: لا أعينكم على لهوكم ولعبكم، لا أعينكم على الباطل، أما هذا فقد قطع حياته في التعلم والتفقه، فهو أهل أن يشجع على ذلك.
وهكذا إذا كان بعضهم عاصياً لأبويه عاصياً لربه، خارجاً عن الطاعة، متمادياً في المعاصي عاكفاً على اللهو واللعب، عاكفاً على شرب المسكرات ونحوها، والآخر متطوعاً لله بأنواع الطاعات، عاكفاً على الطاعة والعبادة ملازماً لعبادة الله، هادياً ومهتدياً صالحاً ومصلحاً؛ لا شك أن هذا الصالح يستحق أن يشجع وأن يفضل على ذلك العاصي الذي خرج عن طاعة أبويه وخرج عن طاعة الله سبحانه، فكان مستحقاً أن يبعد وأن يحرم؛ لأنه إذا أعطاه والحال هذه، فقد أعانه على المعصية، فيعين عاصياً على عصيان.